غالباً ما تبوء جهود التغيير بالفشل، فتتحطم متحولةً إلى اجتماعات وعروض «باوربوينت» منهكة برتابتها. وبالتالي، عمدتُ إلى دراسة جهود تغيير وابتكار واسعة النطاق داخل 56 شركة تم اختيارها عشوائيّاً في قطاعات التكنولوجيا العالية، والتجزئة، والأدوية، والخدمات المصرفيّة، وصناعة السيّارات، والتأمين، والطاقة، والمؤسسات غير المتوخّية للربح والرعاية الصحّيّة.
وكشف بحثي عن فشل غالبية الجهود، مشيراً إلى أن 32 في المئة من الشركات الناجحة تميّزت بمشاركة مسؤولي الإدارة الوسطى، ممّن تقلّ مراتبهم بدرجة أو درجتين عن الرئيس التنفيذي. وفي هذه الحالات، لم يقتصر عمل مسؤولي الإدارة الوسطى على إدارة التغيير التدريجي، بل قادوا هذا التغيير من خلال تفعيل السلطة على مستوى أصحاب المناصب الأعلى، والوسطى والأدنى في مؤسساتهم.
راجعتُ مؤخراً حصيلة 553 ساعة من المقابلات التي أجريتها مع 380 مسؤولاً تنفيذيّاً، ومديراً، ومساهِماً، في محاولة لمعرفة سبب بروز بعض المدراء كقادة تغيير، ورصدتُ عدداً من الخصائص التي تميّزهم:
1. يملك قادة التغيير «نجماً قطبيّاً» يقتدون به– ويتحدّثون عنه. وتكثر جهود التغيير التي تبوء بالفشل، ليقتصر عمل المدراء على التأكّد من أنّهم التزموا بمقوّمات أنظمة آمنة ومبرّرة، على غرار نظريّة التصنيع الرشيق والحيود السداسي. في المقابل، يتسم قادة التغيير الناجحون بالانفتاح والجرأة، ويدركون تماماً الحوافز التي تدفعهم إلى التحرك.
2. يستعين قادة التغيير بنظام تموضع عالمي يرشدهم نحو نجمهم القطبي. ولا شكّ فيأنّ قادة التغيير هم من أصحاب الرؤى، بيد أنّهم يقرّون بحاجتهم – وبحاجة المؤسّسة – إلى إجراء يساعدهم على بلوغ أهدافهم. وبالتالي، يعتمدون إجراءً ويلتزمون به ويلهمون الآخرين للعمل به.
3. يتخطّى قادة التغيير الحدود التي يعملون ضمنها، ويتّصلون مباشرةً بالإدارة العليا في أحيان كثيرة.
4. يتّسم قادة التغيير بسرعة الحركة.
وأنا أشجّع المدراء التائقين إلى التحول إلى قادة تغيير على صياغة بيانات رؤية، وأقترح عليهم بعد ذلك اعتماد ثلاث خطوات إضافيّة، أوّلها إيجاد عمليّة تغيير جريئة والتقيّد بها، وثانيها حث أنفسهم على التواصل مع الآخرين، ولا سيّما مع من هم أعلى مرتبةً منهم، بدءاً بالمسؤولين التنفيذيّين في الشركة ورئيسها التنفيذي، وثالثها توخّي السرعة عند كلّ مفترقات الطرق الممكن مصادفتها.
نعتبر أنّ مسؤولي الإدارة الوسطى يديرون التغيير التدريجيّ، بيد أنّ كثيرين منهم في طور التحوّل إلى قادة تغيير.
ومتى يقررون مطابقة نقاط قوتهم وأهدافهم الشخصيّة مع أهداف المؤسسة، يصبحون قادة استثنائيّين.