في ظل ظروف عربية متأزمة، ومناخ عربي خريفي، تحتاج المملكة أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من اللحمة الوطنية وإلى الالتفاف بشكل أكبر حول المؤسسات الوطنية ودعمها؛ سواء كانت مؤسسات تشريعية أو تنفيذية.
يُطالب المواطنون دائماً باحترام تلك المؤسسات وتقدير ما تقدمه من جهود وخدمات جليلة من أجل الرفع من مستوى معيشة ورفاهية المواطنين، وفي المقابل تكون تلك المؤسسات حريصة أشد الحرص على بقاء هيبتها وعدم زعزعة مكانتها أمام المواطنين فبقاء تلك الهالة من الهيبة والوقار لتلك المؤسسة يعكس هيبة واحترام الدولة التي تمثلها.
إن مجلس الشورى في المملكة على الرغم من أنه مجلس غير مشرع ولا يصدر قرارات بل يصدر توصيات فقط، لكنه يعتبر في منزلة البرلمانات التشريعية في الدول الأخرى، فلا يرضى أي إنسان يغار على وطنه أن يتعرض هذا المجلس للتهكم والسخرية من قبل المواطنين، ولكن تفاجئنا بعض الإعلانات والتصريحات الصادرة عن المجلس نفسه والتي للأسف تساهم في التقليل من هيبته واحترامه أمام المواطنين.
من أحدث التصريحات الصادرة عن المجلس هذه الأيام وتصدرها الصحف بل أصبحت مصدراً لتهكم واستهتار المواطنين في هاشتاقات تويتر وفي وسائل التواصل الاجتماعي، خبراً مفاده، أن المجلس يوافق ويقر على «التصفيق» كآلية ترحيبية بضيوف وزوار المجلس، وذلك استشهاداً بفتوى لبعض المشايخ تفيد بأن التصفيق لا يتعارض مع شرع الله! إذاً كان التصفيق محرماً ولم نكن نعلم أصلاً بهذه الفتوى الغريبة حتى علمنا الآن بتحليل التصفيق شرعاً! هل تهمنا هذه المعلومة؟ كان من الأفضل أن يحتفظ بها المجلس لنفسه لأن تساؤلات كثيرة بدأت تطرح عن ماهية الآلية المستخدمة في السابق إن لم تكن التصفيق! لقد سبق هذا التصريح قبل فترة بسيطة أيضاً تصريحاً شورياً آخراً أُشبع سخريه أيضاً وهو مناقشة موضوع «تفريخ طيور الحباري».
لطالما اهتم المواطنون بالاطلاع على ما يناقش تحت قبة مجلس الشورى من قضايا تهمهم وتهم مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فالقضايا والأمور الشكلية لا يكترثون لها فحسب بل تدفعهم أيضاً إلى الاستهتار بالمجلس وبقراراته، بل ويستهجنون أيضاً أن يسحب المجلس مناقشة قانون التحرش الجنسي مثلاً وقضايا أخرى استراتيجية تواجه المجتمع وتهم المواطنين بشكل مباشر وحيوي، ومن ثم يعلن عن مناقشة مواضيع هامشية فيها استخفاف بهم «كإقرار التصفيق» بفتوى دينية و»نسبة ما فقس من بيض الحباري».
مثل هذه التصريحات التي يزود بها المجلس الإعلام يجد المواطنون أنفسهم مجبرين على التهكم والسخرية من آلية عمل المجلس.
لذلك، نقول للمجلس الموقر، إذا أردتم نقاش هكذا قضايا فليكن، ولكن لا داعي لأن تخرج تلك النقاشات للإعلام، افرزوا ما يصلح للنشر، فقط من أجل استمرارية هيبتكم واحترامكم.