في أحد الأحياء الفقيرة، وداخل مصنع مسوّر؛ كان ليث ذو سبع سنوات ببنيته النحيلة يعمل في صناعة الطوب مع الرجال.
اضطر هذا الفتى لترك تعليمه ليوفر مبلغاً زهيداً يسد به رمق والدته المريضة وأخواته الثلاث، ولكن ها هو اليوم العاشر من هذا الشهر يمر به دون أن يقبض أي مبلغ مقابل كدّه مما حدا به لطلب أجرته وهو صاغر ذليل من رئيسه المكفهر، ولم يمنعه ضعف «ليث» بأن يشترط عليه للحصول على نقوده أن ينقل تلك الحجارة القابعة في باحة المصنع.
كانت حجارة ثقيلة وقاسية تشبه قلب رئيسه في قسوتها.
أقبل «ليث» إليها بشعره الأشعث وملابسه الرثة وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأخذ يمعن النظر أيستطيع حملها أم لا!؛ فطفل في مثل عمره في مكان ما من هذا العالم يلهو بألعابه ذات الألوان الزاهية ويرتاد أفضل المدارس بعيدا عن كل ما ينغص ويؤلم.
لم تمهله زمجرة كبيرهم للعيش طويلاً في خياله؛ فحمل ما يفوق طاقته مستعيناً بالله، راجياً فضله.