لعبة كرة القدم التي تلعبها البشرية الآن، لها جذر عريق، نما في حقل مراكش المغربية.
آلة إعلام الرياضة التي تستعمرنا، وأنتجت معارفنا الكروية، رسخت وأصّلت وورثت حقيقة مفادها: «أن كرة القدم.. إنجليزية المنشأ والولادة.. وماركة إنجليزية مسجلة لا يجب الاقتراب منها، تمحيصاً وإعادة تدقيق..بتحقيقها»!
حقائق التاريخ الموضوعية تؤكد أن: «لعبة كرة القدم تكوين تراكمي.. أنتجتها حضارات التاريخ.. كل حضارة ساهمت في تكوينيتها.
فالصينيون - مثلاً - هم أول من «نفخ» الكرة.. بالهواء، في القرن الخامس الميلادي، وهو انقلاب تقني تاريخي، حوّل مسار «الكرة»، وجعلها أكثر مطواعة ومرونة وتشويقاً في الاستخدام، وأكسبها فضاءً واسعاً لابتكار ألعاب عديدة، من بينها لعب الكرة بالقدم.
وقد لعب الصينيون الكرة بالقدم وسموها «تشو تشو» وهي لعبة جماعية لكرة القدم، وذلك قبل 2500 سنة في عهد الإمبراطور (هوانج تي)، ووجدت انتشاراً واسعاً في الممارسة والمشاهدة، حتى وصل الأمر إلى أن جعلوا من شروط الالتحاق بالوظائف الحكومية اجتياز مهارة لعب عدد من الرياضات من بينها لعبة كرة القدم!
هذه المساهمة الصينية، لا يمكن القفز عليها، وتهميش دور الصينيين في العملية التراكمية للعبة كرة القدم.
كذلك، لا يمكن إهمال دور مساهمة العرب في معيارية الكرة، وتصنيفها، وأن تكون لكل لعبة كرتها المناسبة، فهذه للصولجان، وتلك للدحو (الجولف)، وتلك للطبطاب (التنس)... إلخ.
ومن المجحف.. القفز على حقيقة دامغة، تؤكد حقيقة أن جذر لعبة كرة القدم الحديثة، نمت بذرته الأولى في حقل الرياضة المراكشية، والمتمثّلة بلعبة «الميس».
ولعبة «الميس» حسب ما يذكره المؤرخ الفرنسي «دوتيه» المتخصص بتاريخ الرياضة، لعبة مارستها قبائل (الرحامة)المراكشية حيث تمتلك شكل وأسلوب لعبة كرة القدم الراهنة، من تواجد فريقين متنافسين متساويين بالعدد، وتحديد حدود الملعب، ووجود مرميين، واقتصار استخدام الأقدام في ركل الكرة والسيطرة عليها... إلخ.
في كتابي (الاسلام والرياضة) وصف للعبة «الميس»، ومعلومات تفصيلية عنها، لا يسمح حيز المقالة لإيرادها، يمكن لمن لديه فضول المعرفة الرجوع إليه.
أخلص، وأقول: مثل هذه الحقائق مغيّبة، ومهمّشة، وتخفى - ربما - بتعمد من أدبيات الرياضة وسجلاتها التاريخية المتداولة في المحافل الدولية!.
ومما يرسّخ هذا الغياب والتغييب.. جهلنا نحن العرب أولاً ورئيسياً لمثل هذه الحقائق، والتي لن يكترث الآخرون بتواجدها والتعريف بها، بالنيابة عنا!
مع الأسف، استولت دكاكين إعلامية أمية على مفاصل الإعلام الرياضي (!).. حيث يفتقد ملاّكها، ورعاتها وكوادرها، من معدّين ومنفذين ومذيعين وكثير من الضيوف.. يفتقدون للشروط العلمية والعملية، المعرفية والثقافية، القادرة على أن تساهم في توجيد نهضة رياضية عربية.. على الأقل في جانبها المعرفي والبحثي، والتنويري.
هذه (الجناية) الدكاكينية سبب مؤثر في جهلنا بتاريخنا الرياضي، وترسيخ إعاقتنا الراهنة، و- ربما - وأد مستقبل.. حلم نهضة رياضية عارمة!.
هذه (الجناية) الدكاكينية.. تفعل «كوررت» الرياضة!.. وبعقلية أمية شديدة الأمية!
من يقف خلف هؤلاء..؟!
وأنا أتأمل دورة الخليج و«دكاكين» إعلامها.. أستذوق شيئاً من إجابة!