كما كان حديثاً مؤثراً ذلك الذي طالعناه في العدد 15374 من صحيفة الجزيرة للكاتب إبراهيم الماجد تحت عنوان (اسمعوني معشر الآباء والأمهات) مستعرضا فيه حال كثير من أبنائنا الذين زلت أقدامهم في أوحال الإدمان، القصص الموثقة من وقائع لقاء حضره الكاتب مع الأمين العام للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات عبد الإله الشريف وثلة من كتاب الرأي في الصحافة السعودية. يقول الكاتب «قصص مؤلمة سمعناها ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لو أن أولياء أمر هذا المتعاطي بادروا بتسليمه للجهة المختصة وهو في بداياته لكان الأمر أيسر والشفاء أقرب، ولكن، وكما يقول الإخوة في اللجنة غالبية من يأتي بهم أولياؤهم بعد مضي سنوات من التعاطي، بسبب العيب والعار والسمعة، فإذا أدمغتهم قد أصابها العطب، وأنَّى للعطار أن يصلح ما أفسده الدهر». ويرجع الكاتب جانباً كبيراً من سقوط شبان في سن الزهور بين براثن تجار المخدرات ومروجيها إلى «غفلة الوالدين وثقتهم العمياء في أولادهم سواء البنين او البنات».
ويختتم الكاتب مقاله المؤثر بنداء للآباء والأمهات، قائلاً: «أيها الآباء والأمهات، فلذات أكبادكم يحاصرهم الخطر من كل حدب وصوب، فلا تعتقدوا أن الخطر موجود في الشارع فقط، بل إن الخطر الذي ربما يكون أعظم وأدهى وأمر موجود في غرف نومهم, بل في أيديهم ومعهم في كل مكان، أجهزتهم الكفية التي لا تفارقهم تحمل من الخطر أضعاف ما هو موجود في الشوارع والميادين، وما الثقة الزائدة إلا تفريط في المسؤولية وسبب مباشر في ضياع أولادكم».
وإننا إذ نضم صوتنا لصوت الكاتب الذي اعتدنا منه التركيز على الشأن التربوي والاجتماعي في كثير مما يكتب، نذكر بتصريح سابق للسيد عبد الإله الشريف، مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية، أن نحو 70 في المائة من مدمني المخدرات، هم من الفئات العمرية من 12 إلى 20 سنة، وأن مستشفيات الأمل في مناطق السعودية كافة، تستقبل يوميا 300 مدمن يرغبون في علاج مشكلات الإدمان لديهم، أي ما يعادل نحو 2100 مدمن أسبوعيا، مشيرا إلى أن غالبية النساء المدمنات لديهن في الأصل مشكلات سلوكية انحرافية، موضحا أن هناك زيادة في عمليات تهريب العقاقير المستخدمة في الإدمان، محذرا من المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي التي تروج للمخدرات، وتغري الشباب بالجانب الإيجابي لها.
وعلى الرغم من أن هناك زيادة في نسبة التعاطي على مستوى العالم وليس في السعودية فقط، إلى حد محاولة دول مثل بريطانيا السماح بتعاطي المواد المخدرة كالماريجوانا والحشيش ومع الأسف بعض الدول الأخرى أعطت المجال لتعاطي المخدرات بشكل مشروع وفق جرعات معينة، في اعتراف صريح بعجز هذا الدول عن مكافحة المخدرات وعدم سيطرتها على هذه القضية وعجزها عن وضع حلول لوقف زيادة نسب التعاطي، والإحصائيات المنشورة من الجهات المختصة تثبت زيادة عدد المدمنين بعد السماح لهم. لكن هذا لا يعني أن ندس رؤوسنا في الرمال مثل النعام، ومهما كانت جهود الدولة في حصار هذه الآفة فتبقى الأسرة خط الدفاع الأساسي بمتابعة أبنائهم حتى لا يسقطوا ضحايا لتجار الموت، فإن سقطوا فعلى الأسرة أيضا الإسراع بهم إلى أقرب جهة لعمل اللازم، ولا فضيحة في ذلك ولا عار، بل العار أن يكون لدينا ابن مدمن ولا نقدم له المساعدة. ولا سيما في ظل الدراسات الصادرة التي تفيد بأن أكثر الفئات العمرية المتعاطية للمخدرات هي هذه الفئة العمرية التي عادة ما تكون في المراحل الدراسية سواء الجامعية أو الثانوية أو المتوسطة، ما يعني أيضا رسالة لأولياء الأمور والمدارس بأن يركزوا على مراقبة الطلاب ومتابعتهم واختيار أصدقائهم وأن يتم احتواؤهم واحتضانهم وتخصيص لهم الوقت الكافي للجلوس معهم والاستماع لهم وللتعبير عن أنفسهم وإتاحة مزيد من الوقت للمساعدة على حل مشكلاتهم وإظهار دورهم الفعال والايجابي داخل الأسرة أو المدرسة وزيادة الوعي بأضرار المخدرات من الجانب الصحي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي.