توقع محللون واقتصاديون أن تصنع خطوة هيئة سوق المال برفع دعوى قضائية ضد مجموعة المعجل تحولاً في السوق فيما يتعلق بالتزام إدارات الشركات المدرجة حالياً والتي ستطرح للاكتتاب مستقبلاً.. وقالوا لـ»الجزيرة» إن هذه الدعوى تمثّل جرس إنذار للمحاسبين والمراجعين الماليين، خصوصاً أن الإعلان يحدد المسئولية ويحمّل وزارة التجارة ممثّلة في نظام المحاسبين القانونيين مسئوليته تجاه ذلك، بالإضافة إلى أنها ستعطي جرعة من الثقة للمتداولين والمساهمين.
واعتبروا هذه الخطوة قفزة نوعية وسابقة تُحسب للهيئة لأنها إجراء حمائي يعزز الثقة بالسوق السعودية، حيث إن الحماية تكمن في إخضاع الشركات للمحاسبة والفحص والتدقيق في جميع مراحلها من الاكتتاب وحتى التداول، بالإضافة إلى التأكد من صحة البيانات والأرقام التي بُنيت عليها استحقاقات الشركة من تقييم وأداء ومكررات ربحية، وذلك لضمان عدم التلاعب بالبيانات المطلوبة لقياس كفاءة الشركة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنه في حال قيام لجنة الفصل في المنازعات بأداء دورها بصفة عاجلة وإنصاف المتضررين وإيقاع العقوبة ضد المخالفين، سيكون لهذه القضية الأثر الكبير على سوق المال، وسيعطي دافعاً لمزيد من القضايا المرفوعة ضد شركات مشابهة يشتبه في حدوث تلاعب وفساد في أعمالها.
جرس إنذار
أكد المحلل الاقتصادي طارق الماضي، أن رفع الهيئة للقضية يُعتبر توجهاً إيجابياً وسابقة تاريخية تُحسب للهيئة، ولأول مرة وحسب منطوق الإعلان تقوم الهيئة بدور الادعاء العام الذي يمثّل حقوق المساهمين في الشركة والمتداولين المتضررين في أثناء فترة الاكتتاب والتداول على السهم بعد ذلك.
وقال الماضي: لعل الأكثر تميزاً في الإعلان أنه لأول مرة تتكلم فيه الهيئة عن ثبات المسؤولية عن تعويض الأشخاص المتضررين من شراء الورقة المالية محل المخالفات، وليس فقط الاتجاه نحو عمليات عقابية فقط للمخالفات، وذلك شيء جيد.
وأضاف: الإعلان حسب صيغته الحرفية يمثّل قناعة لدى الهيئة عن مخالفات تمت لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية من مجلس إدارة الشركة وبعض كبار التنفيذيين والمحاسبين تستدعي عمليات التعويض وتنفيذ لوائح الهيئة اتجاه ذلك، وذلك يتم لأول مرة بشكل واضح وصريح في الإعلان.
وفيما يخص تأثير القضية على السوق أوضح الماضي أنه سيكون إيجابياً، وسيتمثّل ذلك في المزيد من الالتزام لإدارات الشركات الحالية في السوق والشركات التي ستطرح للاكتتابات مستقبلاً، كما سيمثِّل جرس إنذار بالنسبة للمحاسبين والمراجعين الماليين، خصوصاً أن الإعلان يحدد المسئولية ويحمّل وزارة التجارة ممثلة في نظام المحاسبين القانونيين مسئوليته تجاه ذلك، وسيعطي جرعة من الثقة للمتداولين والمساهمين.
وتوقع الماضي، أن يكون هناك مستقبلاً قضايا مشابهة لهذه القضية، حيث يجب الحرص على عدم إغفال بعض الحالات السابقة المعلَّقة في السوق، إذ إن الشفافية وحماية حقوق المساهمين والمتداولين لا يجب أن تكون حكراً على شركة المعجل أو سيفقد هذا القرار والاتجاه الإيجابي للهيئة قيمته.
إجراء حمائي يعزز الثقة بالسوق
وقال الماضي: بالنسبة لدور الهيئة الرقابي الحالي مع الاعتراف بوجود تقدم وتطور على ذلك الدور، لكن يعاب عليه البطء في التنفيذ وعدم حرص الهيئة على تحديد حدود المسئوليات والصلاحيات الخاصة به، خصوصاً التي تتقاطع مع وزارة التجارة ونظام المحاسبين القانونيين، مما يجعل الهيئة في كثير من الأوقات تتعرض لعمليات هجوم غير مبررة، لذلك تثقيف المتداولين بتلك الحقوق والصلاحيات هو من أساس عمل ونظام الهيئة.
من جهته أوضح المحلل المالي مساعد السعيد، أن دعوى سوق المال ضد مجلس إدارة شركة المعجل تُعتبر قفزة نوعية وسابقة تُحسب للهيئة لأنها إجراء حمائي يعزز الثقة في السوق، الذي تكمن حمايته في إخضاع الشركات للمحاسبة والفحص والتدقيق في جميع مراحلها من الاكتتاب وحتى التداول، بالإضافة إلى التأكد من صحة البيانات والأرقام التي بُنيت عليها استحقاقات الشركة من تقييم وأداء ومكررات ربحية، وذلك لضمان عدم التلاعب بالبيانات المطلوبة لقياس كفاءة الشركة.
وبيَّن السعيد، أنه بغض النظر عما إذا كانت الدعوى محالة لهيئة سوق المال أو غيرها، فقيام الهيئة بمسؤولياتها وإقامتها الدعوى، هذا بحد ذاته يعزز مبدأ الثقة ويُؤصّل لنظام يحفظ حقوق جميع الأطراف، وهذا ما يدعو إلى الإسراع ببلورة فكرة أغلب الخبراء الاقتصاديين، والمتمثّلة في إنشاء إدارة مستقلة للمحاسبة والمراجعة القانونية ليكون دورها الأساس فحص الميزانيات والقوائم المالية.
ووصف السعيد خطوة الهيئة بالإيجابية، وبمثابة جرس إنذار لباقي الشركات ومجالس الإدارات الأخرى لعدم الوقوع في مثل هذه المخالفات أو الأخطاء في مقبل الأيام، إلى جانب أن هذه الخطوة ستعزز ثقافة المطالبة بالحقوق من قبل المتداولين عبر القنوات الرسمية والجهات المعنية.
فتح المجال للعديد من الدعاوى
وتوقع السعيد إقامة دعاوى مماثلة ضد مجالس إدارات شركات أخرى متى ما اكتملت عناصر الدعوى، مشيراً إلى أنه مجرد إقامة هذه الدعوى من قبل هيئة سوق المال، يُعتبر أمراً إيجابياً جداً ويعزز ثقة المتداولين بالسوق، وهذا ما يرجوه الجميع فعلاً، لأن السوق المالية تستعد للانطلاق للعالمية عبر فتحها للمتداولين الأجانب كخطوه أولى نأمل أن تكلل بالنجاح التام.
ورأى المحلل المالي هشام الوليعي أن قضية شركة المعجل تأتي مكملة لعدة قضايا وأزمات مع شركات متداولة يتعرض لها المستثمرون في السوق المالي منذ سنوات عديدة لم يتم التعامل معها بحزم في فترات سابقة، وتم تجاهل المطالبات في الحد من تلاعب إدارات تلك الشركات، وكان على الجمعيات العمومية لتلك الشركات أداء دورهم الحقيقي بالإضافة إلى دور الهيئة الرقابي في تطبيق النظام على تلك الشركات، ووقف استنزاف أموال المستثمرين. وأضاف الوليعي: لُوحظ في قضية مجموعة المعجل دور المساهمين الإيجابي في رفع الدعوى إلى وزارة التجارة التي أحالتها إلى هيئة سوق المال والمطالبة بتعويض المتضررين خلال فترة الاكتتاب للشركة ومحاسبة المتلاعبين في تلك الفترة.
ولفت الوليعي، إلى أنه في حال قيام لجنة فصل المنازعات بأداء دورها بصفة عاجلة وإنصاف المتضررين وإيقاع العقوبة ضد المخالفين، سيكون لهذه القضية الأثر الكبير على سوق المال، وسيعطي دافعاً لمزيد من القضايا المرفوعة ضد شركات مشابهة يشتبه في حدوث تلاعب وفساد في أعمالها، مما يعزز ثقة المستثمر في الجهات الرقابية التي من مهامها الرئيسة حفظ الحقوق.
وتابع: الهيئة لديها الأنظمة والتشريعات التي بمقدورها فرض الرقابة على الشركات المساهمة، حيث يضمن ذلك نظام حوكمة الشركات، لكن الحاجة المُلحة تكمن في التحرك السريع وعدم التسويف، إذ إن التراخي في تلاعب بعض تلك الشركات يؤدي في النهاية إلى عدم ضمان جدوى الاستثمار بالسوق المالي، وبدون تفعيل الرقابة والتدقيق على بعض العمليات المشبوهة ستهتز ثقة المتداولين والمساهمين في الثقة.