صدر مؤخراً عن مجلة الدوحة الثقافية كتاب «الشرق الفنان» للدكتور زكي نجيب محمود.. وجاء فيه: الشرق الأقصى طابعه الأصيل العميق هو النظر إلى الوجود الخارجي ببصيرة تنفذ خلال الظواهر البادية للحس إلى حيث الجوهر الباطن، فيدرك ذلك الجوهر بحدس مباشر يمزج ذاته في ذاته مزجاً تفنى معه فردية الفرد المعتمدة على اللمسة الذاتية المباشرة التي لا تحتاج إلى تعليل ومقدمات ونتائج.
أما الغرب فطابعه الأصيل العميق هو النظر إلى الوجود الخارجي بعقل منطقي تحليلي يقف عند الظواهر مشاهداً لها وهي تطرد وتتتابع على هذه الصورة أو تلك، فيجعل من هذه الاطرادات في الحدوث قوانين يستخدمها بعدئذ في استغلال الظواهر الطبيعية على النحو الذي يرتضيه.
وهذه التفرقة هي التي تجعل من الشرقي فناناً يدرك الحقيقة بذوقه.. ومن الغربي عالماً يدرك الحقائق بالمشاهدة والتجربة والتحليل والتعليل.
انظر إلى العالم من داخل تكن فناناً أو انظر إليه من خارج تكن عالماً.
انظر إلى العالم من باطن تكن شاعراً، أو انظر إليه من ظاهر تكن من رجال التجربة والعلم.