تتبع الكاتب د. محمد عبدالله العوين في مقاله المنشور في عدد السبت 15 محرم 1436
تحت عنوان (الإخوان في السعودية والخليج) الحراك الإخواني من السعودية والخليج، مؤصلا لوجود الجماعة في المشهد الثثافي، وكاشفاً النقاب عن حالة من الفراغ الثقافي كان فرصة للجماعة لتمرير أفكارها وابتلاع عقول أكثر من جيل بقوله: «مرت بنا سنوات طويلة ونحن لا نعرف من الثقافة إلا ما كانت تصبه أمام أعيننا جماعة الإخوان المسلمين من كتب ومجلات، وتوارت في الظل كتب التراث والكتب الأدبية الحديثة؛ بحيث لا يلجأ إلى كتب التراث إلا طائفة من السلفيين الذين يجدون عند ابن القيم والغزالي وابن تيمية وابن حنبل وابن عبد الوهاب وابن سعدي رحمهم الله جميعا ضالتهم، وانزوت فئة نخبوية عالية الثقافة في أبراجها العاجية تتبادل المعارف الأدبية بين أعداد قليلة لا تكاد تذكر ولا تحدث أي تأثير في حركة المجتمع، وهي تلك الفئة التي كانت تهتم بالأدب الحديث وقضايا الثقافة في مراكزها الفاعلة في مصر والشام»
ثم تلا ذلك رصد زماني مكاني دقيق مقترن بالتواريخ والظروف التي انتقلت إليها الجماعة في السعودية والخليج في ظل عزلة لجناحي المشهد الثقافي، السلفيين والكتاب والأدباء.
مركزاً على ما وصفه بالتحول «الخطير مع مطلع التسعينيات الهجرية من القرن الماضي بوفود عناصر مهمة ومؤثرة من جماعة الإخوان المسلمين إلى البلاد، بعد أن واجهت حملات تطهير فكرية وجسدية عنيفة من النظام الناصري بدءا من عام 1954م وليس انتهاء بعام 1966م العام الذي أعدم فيه رمز كبير من رموز الجماعة؛ فتوالى توافد الجماعة على المملكة وبلدين من الخليج العربي هما؛ الكويت وقطر، فبدأ التغيير التدريجي في ملامح الثقافة الكويتية ... وبمرور الزمن وانقلاب الاتجاه السياسي والفكري وجد رموز الإخوان في قطر لهم ملجأ آمنا؛ بحيث تبنت احتضان الجماعة وفتحت لها أبواب العمل والتوجيه» ثم انتقل الكاتب من رصد وجود الجماعة إلى رصد تطور هذا الوجود إذ «اشتغلت الجماعة في بداية الأمر على تبني وتأسيس تلاميذ مخلصين لفكر الجماعة وتلمست وجودهم في المراحل الثانوية وفي الجامعات، وبدأت تجلب أو تطبع كتب رموز هذا الفكر ليكون المدد والزاد حاضرا بين أيدي المريدين الشباب؛ فتضاءل وجود كتب التراث والأدب الحديث وبدأت كتب ما أطلق عليه فكر الصحوة حاضرة في كل مكتبة، وقدمت هدايا للتميز وللنشاط في المعاهد والجامعات. وشكلت كتب الصحوة البذور الأولى لتكون الإخوان السعوديين». لقد كنا في حاجة ماسة إلى مثل هذا الرصد التأريخي الموضوعي حتى تتكشف للأجيال هوية الوجود الإخواني في السعودية، والتحول الثقافي الذي أحدثه هذا الوجود، وقد فتح الكاتب الباب لتطلعات الكثيرين إلى المزيد من التأصيل العلمي الموضوعي لوجود الفكر الإخواني، والأهم من ذلك هوية هذا الفكر ومحاوره، حتى لا يظن ظان أن المسألة مسألة دعوة وحسب، فيكسب بذلك هؤلاء تعاطف الشبان الذين يسهل دغدغة مشاعرهم بهذا الحديث كما حدث في مصر وغيرها من الأقطار حتى لا نعيد إنتاج معاناتهم لدينا من جديد.