إيباك!

يستطيع الإعلام أن يصنع الرموز، خصوصاً إذا كان إعلاماً محترفاً مثل الإعلام الغربي، والأمريكي تحديداً، ولا يجادل أحد فيمن يسيطر على هذا الإعلام، فإيباك (لجنة الشؤون الأمريكية الإسرائيلية المشتركة) أدركت، منذ وقت مبكر، أن الاقتصاد والإعلام هما الحبل الذي تستطيع أن ترفع به من تريد، وتشنق به من لا تريد، ولذا سعت، ونجحت في السيطرة على هذين المجالين، وبالتالي سيطرت على صنع القرار، خصوصاً ما يتعلق بالسياسات الخارجية في أكبر، وأقوى دول العالم، فهي التي صنعت الرؤساء رونالد وريجان، وجورج بوش الابن، وباراك اوباما، وأبعدت الأمريكيين الحقيقيين، الذين تهمهم مصلحة أمريكا، وأمريكا فقط، مثل التكساسي روس بيرو، ورولف نادر، وجون بول، وجون هاورد، وغيرهم من الزعامات التي كانت مؤهلة لقيادة العالم الحر إلى عوالم أخرى، ولكن هيهات، فإيباك لها رأي آخر بهؤلاء، فهم ليسوا من عتاة المؤيدين لإسرائيل، وبالتالي فإنهم لا يصلحون لقيادة العالم الحر!.

في أمريكا، يكفي أن يزل لسانك بما يغضب ايباك، وهذا كفيل بأن ينهي مستقبلك السياسي للأبد، ونظرة فاحصة في ماهية المرشحين السياسيين في أمريكا، منذ الستينات الميلادية، يلحظ المتابع أن هناك حجراً على كل من تهمه مصلحة أمريكا لوحدها، إذ لا يكفي ذلك، ولعله لا يخفاكم أن زيارة أي مرشح للرئاسة الأمريكية لإيباك، وإلقاء كلمة، تتمخض عنها مبايعتها له، أصبح عرفاً أمريكياً خالصاً، ومن ذا الذي سيجرؤ على مخالفة هذا الطقس المقدس، والغريب أن هذا يحدث أمام أنظار الشعب الأمريكي، في كل انتخابات رئاسية، دون أن يجرؤ أحد على الكلام، ومن يجرؤ، كما قال السيناتور بول فيندلي، عندما بلغ به الغضب مبلغه من سيطرة ايباك على القرار السيادي لأقوى قوة عالمية، وقد ردد ذلك المفكر المرموق، نعوم تشومسكي آلاف المرات، وهل أذكركم بما قاله الإعلامي المحافظ الشهير، بات بوكانن، والذي انفجر ذات مرة، وقال إن مبنى الكابيتال (مبني الكونجرس) مستعمرة إسرائيلية!، وهو قال ذلك، بعد أن وصل إلى قناعة بأنه لا يمكن له أن يحقق طموحه السياسي في بلده التي أحبها (أمريكا)، طالما أن ايباك لا ترغب في ذلك!!.

إنها ايباك، التي تصنع الزعماء متى ما تريد، وتدمرهم متى ما تريد، أيضاً، فالويل لمن يجعل مصلحة أمريكا العليا فقط نصب عينية، فمن لا يهمه أمن إسرائيل، لا يصلح أن يقود زعيمة العالم الحر، كما تقول أدبيات ايباك .. وللحديث صلة.