تنبّهتُ إلى أنّ قاسماً مشتركاً واحداً يجمع بين القادة الأكثر فعاليّةً الذين عرفتهم أو درستهم، وهو أنّهم كانوا يرفضون التوقّف عند الوضع الراهن للأعمال، وأنّ إيمانهم قويّ بأنّ ما محور تركيزنا قد يتحوّل إلى حقيقة.
بعد أن أمضيت ربع قرن في الخدمة العسكرية، حصلت على شرف نادر بأن أتولّى القيادة في بيئات كثيرة ومختلفة. وأعرف كم يتعب المرء إن حثّ موظّفين محترفين ومتفانين على أخذ مبادرات معقّدة، وقد اختبرتُ واقعاً حاولتُ فيه إحداث تغيير إيجابيّ في مؤسسات بيروقراطيّة كبرى. وفي ما يلي أربعة مبادئ تعلّمتها:
-المبدأ الأول: صمّم رؤية قابلة للتعديل ولا تجعلها منقوشة في الحجر.
تتطلّب منك القيادة أن تكون صاحب رؤية – وأن تنظر بثقة نحو الأمام، وأن تحدّد أفضل طريقة لتحويل الواقع الحالي إلى مستقبل تتمنّى رؤيته. ويرتكب القادة خطأ عندما يطوّرون رؤيته من دون إشراك الآخرين، ومن ثمّ يطلبون منهم تقبّلها مع كلّ عللها. وبالتالي، وإن جعلت الشموليّة من أولويّاتك، ستعزّز الشعور بالملكيّة، وتزيد من مستويات الحماسة، وتحسّن طريقة مشاركة المعلومات، ويولد بنتيجة ذلك قادة يقومون بخيارات فيها قدر أكبر من الحكمة والدراية.
-المبدأ الثاني: آمن بأنّه ما من عمل وضيع أو تافه بالنسبة إلى أيّ كان، ولا سيّما بالنسبة إليكَ أنت.
إذا كان أعضاء فريق عملك يشعرون بالبرد، والبلل، والجوع، والحرمان من النوم، فعليك أن تشاركهم هذا الشعور. وبالتالي، كن مستعداً للأكل من بعد جميع الآخرين، وللاعتراف بالفشل، ولمشاركة الإنجازات بروح من الكرم الشديد. وستسمح هذه المقاربة بتطوير شعور بالثقة والاحترام المستدام، فترسخ فكرة عدم توقّعك من الآخرين ما لا تتوقّعه لنفسك. وبالتالي، صمّم للآخرين أنماط سلوك وتصرّفات غيريّة تريد أن تراها لديهم.
-المبدأ الثالث: تذكّر أنّ القادة يلمّون بعامّة الأمور، ولا يحصرون معرفتهم بمجال واحد.
لا يستطيع أيّ كان أن يكون خبيراً في جميع الأمور. ولكن كلّما زاد إطار مسؤوليّتك كقائد، زادت الحاجة إلى التعلّم حول ما تطلبه من موظّفيك. والقادة الفاعلون يطوّرون فكرة دقيقة عن كيفيّة مساهمة شتّى أدوار المؤسسة، ووظائفها، وأنظمتها، وموظّفيها، وإجراءاتها في تحقيق الأهداف التي تنشدها.
-المبدأ الرابع: افهم أنّ كلّ تواصل يقدّم لك فرصة جديدة.
يفهم القادة الفاعلون أنّ كلّ تواصل مع الآخرين قد يكون أداة نافذة لتمكين علاقة، وإزالة عائق يمنع التقدّم، وتعزيز الثقة. وبالتالي، اعتمد سياسة قائمة على التفاعل الناشط مع الموظّفين بدلاً من سياسة من الانفتاح عليهم.
إنّ هذه المبادئ التي يعتمدها القادة العسكريّون هي ذاتها التي يجب أن تطغى في الشركات عندما يتزايد عدم الاستقرار فيها، وتتفاقم التعقيدات. ويبقى على كلّ قائد أن يتّخذ قراراً بتطبيق هذه الدروس.