دُعي الناخبون في كاتالونيا إلى التعبير عن موقفهم من مسألة استقلال هذه المقاطعة الإسبانية أمس الأحد في تصويت غير مسبوق، ولا قيمة قانونية له، تنظمه السلطة التنفيذية في المنطقة، على الرغم من اعتراض مدريد. وذكر صحفيون من وكالة فرانس برس أن مراكز التصويت فتحت أبوابها عند الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي. وطُبع سؤالان على ملايين من بطاقات التصويت، هما «هل تريد أن تصبح كاتالونيا دولة؟». وإذا كان الرد بالإيجاب «هل تريد أن تكون مستقلة؟». لهذا الاقتراع الذي يتمتع بقيمة رمزية، لكن لا نتائج ملزمة له كما في اسكتلندا في 18 أيلول/ سبتمبر. لذلك جازف رئيس المنطقة القومي المحافظ ارتور ماس بالتعرض لملاحقات لدعوته إلى «عصيان مدني» باسم «حرية التعبير» و»حرية العقيدة» لشعب كاتالونيا. وعلقت المحكمة الدستورية مرتين، بطلب من مدريد، إجراء تصويت في هذا الشأن؛ لذلك سينظم تصويت بديل من قِبل السلطة التنفيذية مع متطوعين، بلا تعداد ولا لجنة انتخابية.
نظرياً، يمكن أن يدلي نحو 5,4 مليون ناخب من أصل 7,5 مليون نسمة سكان كاتالونيا (يبلغ عدد سكان إسبانيا 47 مليون نسمة) بأصواتهم، بمن فيهم الأجانب والشبان الذين تجاوزوا السادسة عشرة من العمر، إلا أن هذا الرقم لن يتحقق عملياً؛ لأن معارضي الانفصال لن يدلوا بأصواتهم. وتشير التقديرات الأكثر تفاؤلاً إلى إمكانية تصويت نحو مليوني ناخب فقط. وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى أن نصف سكان هذه المنطقة الساحلية الغنية والجبلية في شمال شرق إسبانيا يرغبون في الاستقلال. وهناك عشرون في المئة يعارضون هذه الفكرة، بينما ما زال ثلث السكان مترددين، وبعضهم يفضل حكماً ذاتياً أوسع. ويشكل هذا اليوم الذي يسمونه «ناين-ان» (أي التاسع من نوفمبر) فصلاً جديداً في سلسلة الخلافات مع مدريد الحادة جداً منذ 2010. ففي تلك السنة قامت المحكمة الدستورية التي لجأ إليها الحزب الشعبي اليميني بقيادة ماريانو راخوي بتعديل «وضع» سار في كاتالونيا منذ 2006، يقضي بنقل صلاحيات واسعة إلى المنطقة، ويمنحها وضع «الأمة». وألغى القرار جزءاً كبيراً من هذه المكتسبات، بينما كانت معنويات سكان المقاطعة الغارقة في الأزمة متدنية.
وبعد ذلك طالبت المنطقة التي تمثل عشرين في المئة من إجمالي الناتج الداخلي لإسبانيا، ولم تتقبل فكرة تلقي مبالغ من الأموال أقل من تلك التي تدفعها للدولة، بـ»ميثاق ضريبي» جديد، لكن مدريد لم تلبِّ طلبها. وقالت الناشطة في برشلونة ادا كولاو إن الأزمة لم تكن «اقتصادية» فقط، بل «مؤسساتية» و»ديمقراطية» مع «قضايا فساد تطول كل الأحزاب في كل الأراضي». وأضافت هذه السيدة التي أسست حركة للدفاع عن الذين يطردون من منازلهم بأن «الرغبة في التغيير» دفعت الكثير من الكاتالونيين إلى حضن الاستقلاليين. ورأت مورييل من حركة أمنيوم، إحدى أهم الجمعيات التي تقف وراء التظاهرات الكبيرة للمطالبة بالاستقلال، أن «التغيير يحصل عبر تطهير وبناء بلد جديد». واقترب ارتور ماس اليميني تدريجياً من الاستقلاليين حتى وصل إلى درجة قطع وعد بإجراء استفتاء في 2012. لكن مدريد لم تصغِ. ونجحت حكومة راخوي مرتين في الحصول على قرار من المحكمة الدستورية بتعليق عمليات استفتاء تريد الرئاسة الكاتالونية تنظيمها.