الكتاب تأليف الأستاذ سليمان الحديثي، وله العديد من المؤلفات، وهو يقع في 367 صفحة من المقاس المتوسط. نشرته دار جداول، يحتوي على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع وملحق للوثائق والصور وفهرس الأعلام. احتوى الكتاب على قائمة بالملاحق أولها كان ملحقاً بأولاد الأمير عبد الله بن عبد الرحمن، أردفه بملحق الوثائق ثم قائمة بالمصادر والمراجع.
تحدث الكاتب في مقدمة كتابه أن هذا المؤلف يتعلق بشخصية سياسية بارزة لها تاريخ مشهود، ورغم أهميتها إلا أنه لم يفرد لها مؤلف سابق باستثناء ما كتبه د، صلاح المنجد ونشرت عام 1397هـ.
واستعرض في المقدمة محتويات الكتاب وما سوف يتم مناقشته فيما بعد. يتناول الباحث في الفصل الأول سيرة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن الشخصية، ووالده الإمام عبد الرحمن متدرجاً بشكل سريع في سيرته حتى وصول الملك عبدا العزيز إلى الحكم.
ومن هي والدته، ثم تكلم عن سنة ميلاده والآراء حول تاريخ ولادته، ولكنه لم يذكر شيئاً عن حياته في الكويت وطفولته المبكرة، وقفز بالأحداث التاريخية سريعاً حتى وصول الملك عبدالعزيز إلى الحكم، رغم أهمية تلك الفترة في حياة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، ودورها الحقيقي في صقل شخصيته، وما هي المجالس التي كان يرتادها مع والده وأخيه والتي كانت من أهم الأسباب التي دفعت بالملك عبدالعزيز إلى استرداد الرياض، وكان لها دور في صقل شخصية الأمير عبدالله بن عبدالرحمن وجعله دوناً عن أخوته مقرباً ومستشاراً للملك عبدالعزيز فيما بعد.
في الفصل الثاني الجانب العلمي تكلم الباحث عن اهتمام آل سعود بالعلم, واستمرارهم على ذلك منذ قيام الدولة السعودية الأولى ومن أبرزهم الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وذكر بعضاً من اختباراته العلمية مثل حسمه للمؤرخين تاريخ ولادة الملك عبد العزيز. وكذلك نسب آل سعود. واهتمامه بالكتب وحرصه على اقتنائها ومن ثم أورد قائمة بأهم الكتب الموجودة في مكتبته والتي تم نقلها إلى مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود فيما بعد.
واستعرض بعد ذلك اهتمام الأمير عبدالله بن عبد الرحمن بتعليم أبنائه في فترة مبكرة من أعمارهم. وأضاف علاقته بالعلماء وأهم جلسائه. ورغم إسهاب الباحث في الحديث عن أهم محتويات مكتبة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن، لكنه وعلى ما يبدو لو اكتفى بأسماء الكتب دون الإسهاب فيها لكان أفضل. كما أنه ذكر أن من جلساء الأمير عبد الله بن عبد الرحمن شيوخ القبائل، لكنه أثناء الحديث عن سيرة جلسائه، لم يورد ذكراً لأيا منهم. وكان بالأجدى أن يكتب على سبيل العد لا الحصر.
أيضا من الملفت للنظر إثارة قضية في هذا الفصل، لكنه المؤلف لم يبت فيها مع إمكانية تحديد الأمر مثل قلة عدد المخطوطات في مكتبة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وأين اختفت وكان بإمكانه التحقق من وجودها خاصة عند ورثته. أيضا هل تم نقل مكتبات الأمير لجامعة الإمام، وهل هي كل مكتباته، أم اكتفى الأمر بالمكتبة التي في قصر سلام وكان من السهولة بمكان زيارة قصور الأمير عبدالله بن عبدالرحمن والتواصل مع عائلته، ليحسم الأمر.
أما في الفصل الثالث فقد استعرض الحديثي الجانب العسكري في حياة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن وأهم المعارك التي حضرها مع الملك عبد العزيز، وكان أولها معركة هدية عام 1328هـ، وعلى الرغم من أنها حدثت في فترة مبكرة من حياته إذ كان عمره لم يتجاوز الثانية عشرة عاماً، لكن الملك عبدالعزيز برؤيته السياسية والإدارية كان يرغب في صقل شخصيه الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وتعويده على جو المعارك والحروب وممارستها. ثم تكلم عن دوره في حصار جدة، ومشاركته في معركة السبلة عام 1347هـ. ونظراً لبروز دور الأمير عبدالله بن عبدالرحمن في حصار جدة، فقد أسهب الكاتب في الحديث عنه على خلاف غيره.
تناول الباحث الجانب الإداري والسياسي في حياة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن في الفصل الرابع، وتنوع الأدوار التي قام بها ما بين عسكري وإداري وسياسي وهذا يعود إلى طبيعة وخصوصية العلاقة بينه وبين الملك عبدالعزيز، ومرافقته الملك عبدالعزيز في رحلاته خارج الدولة مثل رحلتي الملك عبدالعزيز إلى مصر عامي 1364هـ و1365هـ التي قابل فيها الرئيس الأمريكي روزفلت. واستقبال بعثات الحج، ومما لا شك فيه أن هذا التواصل والاحتكاك مع زعماء وقيادات وشخصيات دبلوماسية بارزة أعطى شخصية الأمير عبدالله بن عبدالرحمن عمقاً ثقافياً وفكرياً، وانتقل دور الأمير عبدالله بن عبدالرحمن من الصعيد المحلي إلى الصعيد العالمي. ثم انتقل الباحث في هذا الفصل إلى مبايعة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن للأمير سعود بولاية العهد. ورغم أن المؤلف يذكر في مبايعة الأمير عبدالله خلال رسالته التي نشرت في جريدة أم القرى، أن هناك ما يثير الاستغراب في تردد الأمير عبدالله في مبايعة الأمير سعود بولاية العهد، لكنه لم يوضح من أين استشف هذا التردد هل هو من صياغة الرسالة، أم معتمداً على الروايات الشفوية التي ذكرها.
ومهما يكن فقد كان الأمير عبدالله بن عبدالرحمن أول المبايعين للملك سعود بالملك بعد وفاة الملك المؤسس، وقبل إعلان نبأ وفاته رسمياً، وكان بإمكانه ألا يفعل ذلك أو على الأقل لم يتعجل فيه.
وضح الدارس في مؤلفه المناصب الإدارية والشرفية التي تولاها الأمير عبد الله بن عبد الرحمن في عهد الملك سعود، وأوضح رؤيته في تنازل الهرم للعلاقة بين الملك سعود والأمير عبد الله بن عبد الرحمن. حيث تم تعيينه أول الأمر كبير مستشاري الملك سعود وحضور مجلس الوزراء، وشيئاً فشيئاً حتى ابتعد الأمير عبد الله عن الساحة السياسية، ثم تناول المؤلف الحديث عن موقف الأمير عبد الله بن عبد الرحمن من تنحية الملك سعود عن الحكم، وتعيين الأمير فيصل ملكا للبلاد.
والمراحل التي مر بها اتخاذ وتنفيذ الق المناسبة، اف مبيناً علاقة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن بالملك فيصل وأنها علاقة فريدة جدا بين الأمير وابن أخيه، إذ ليست علاقة صلة قرابة وإنما صداقة. بعد ذلك تكلم عن مبايعه الأمير عبد الله بن عبد الرحمن للأمير خالد وليا للعهد ومن بعدها مبايعته للملك خالد ملكا والأمير فهد وليا للعهد.
وعلى الرغم من زخم هذا الفصل بالمعلومات السياسية والإدارية إلا أن خاتمته كانت مختصرة جداً وبسيطة في حين أنه اشتمل على أحداث سياسية وتاريخية مهمة، لها دور كبير في مسرح الأحداث ومجريات التاريخ وما قام به الأمير عبد الله بن عبد الرحمن من دور بارز في هذه الأحداث.
أوضح الباحث في خاتمة الكتاب ما تم عرضه في الفصول الأربعة من الدور الذي قام به الأمير عبد الله بن عبد الرحمن في الدولة السعودية بدءاً من الملك عبد العزيز فالملك سعود ومن بعدها الملك فيصل فالملك خالد، وحتى انصرافه عن العمل السياسي، والمشاركة في جلسات مجلس الوزراء آخر أيامه في عهد الملك خالد بن عبد العزيز ثم وفاته.
مما لاشك فيه أن الكتاب ناقش شخصية مهمة على الصعيد السياسي في الدور الثالث من الدولة السعودية، أجاد الباحث في أسلوبه وصياغته للأفكار من خلال التسلسل المنطقي لفصول الكتاب، متبعاً منهجية علمية واضحة وموحدة في كتابة هوامش مؤلفه. ومما يحمد للحديثي أنه اعتمد في كتابة مادته على مادة مرجعية متنوعة ما بين مصادر ومراجع ووثائق، وروايات شفوية لمعاصري الحدث.
إلا أنه لم يستثمرها ويوظفها بالطريقة المناسبة، والتي تناسب مع ما رغب في طرحه، أثناء حديثه عن شخصية الأمير عبد الله بن عبد الرحمن. فجاءت معلومات الكتاب بشكل مسحي دون التحليل والتدقيق واستنباط ما ورد في هذه المادة الوثائقية. ومهما يكن فإن هذه الدراسة تعتبر من أول الدراسات الجديدة التي كان لصاحبها السبق في الحديث عن الأمير عبد الله بن عبد الرحمن والدور السياسي والإداري الذي قام به في الدور الثالث من أدوار الدولة السعودية. والتي يؤمل إن شاء الله من الباحثين في هذه الحقبة الاستفادة منها لدراسات جديدة.