لا أبالغ إذا ما قلت إن التدريس في مرحلة الصفوف الأولية مهمة صعبة وشاقة؛ لكنها ممتعة، وليس كل مدرس يستطيع أن ينجح بالتدريس في هذه المرحلة، ما لم يعدّ لها عدتها من عوامل النجاح، فهي تعد الأهم في (البناء التعليمي) للتلميذ، من منطلق أنها (القاعدة الأولى) في لبنة التعليم الطويل في حياة التلميذ، فإذا تأسس فيها جيداً، ولقي تعليما نوعيا على يد معلم متميز، يملك مهارة التدريس الإبداعي، ويملك مهارة في التعامل مع تلاميذ الأولية؛ فسيكون التلميذ بذلك حقق الانطلاقة البارزة في حياته التعليمية المستقبلية، ونظرا لما يجب أن يكون عليه معلم الصفوف الأولية من كفايات، فإن عملية اختياره لا يجب أن تتم وفق صورة عشوائية، أو اضطرارية من مديري المدارس، وأنا في هذه العجالة أحببت أن أشير إلى بعض ما يجب على معلم الصفوف الأولية من مهام مهمة سأذكر بعضها، فعلى معلم الصفوف الأولية أن:
1 - يقبل تلاميذه كما هم بأحوالهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، لا كما يريد هو كل تلاميذه بنفس الأحوال والظروف، فهذه ظروف وأحوال ليست بأيديهم ولا بيده صناعتها.
2 - يتعامل مع تلاميذه بحسب فروقهم الفردية أثناء ممارساته التدريسية، لا على أن تلاميذه كلهم يتمتعون بمستوى واحد من الذكاء والتحصيل، فلكل تلميذ نمط ذكائي خاص به يبرز على بقية الذكاءات الأخرى عنده، بمعنى آخر لا يوجد تلميذ غبي.
3 - يتفهم أن التلميذ الذي لديه سلوك ما، كالعدوانية، أو الفرط الحركي، أو الانعزالية عن بقية زملائه، أو الشعور بالخجل، فهو بحاجة إلى تفهم لوضعه السلوكي في التعامل معه، ومساعدته لإخراجه من دائرة هذا السلوك الذي يبدو للآخرين مزعجاً.
4 - يراعي أن كل تلميذ هو بحاجة إلى التحفيز والتشجيع، وخلق الدافعية عنده من أجل أن يتقدم في تحصيله الدراسي، فعملية ربط الانجاز بالتحفيز عامل مهم عند تلاميذ الصفوف الأولية.
5 - يعي أن حركة التلاميذ في الفصل أمر طبعي، لكنهم يحتاجون إلى تنظيم معين، فلا تطغى عليهم الفوضى بما يشوه مجريات الحصة، ولا يحول فصله إلى أشبه ما يكون بمقبرة لا حراك فيه، نتيجة لصرامته في إسكاتهم وإلزامهم بعدم التحرك، متناسياً الطبيعة الحركية والنشاط لتلاميذ في سن 10 سنوات.
6 - يضع نفسه موقع التلميذ في بعض المواقف، حتى يكون قريباً من ردات فعلهم، ومتفهماً لأحاسيسهم ومشاعرهم، فالتلميذ ينمو إحساسه ومحبته للمدرسة والمعلم، بقدر ما يجد من الحب والود داخل البيئة الآمنة مع معلمه.
7 - يحرص على التجديد في أساليب تدريسه، وطرائق تعليمه، فالتقليدية لم تعد ذات فائدة مع جيل يجيد التعاطي مع وسائل التقنية، وتعددت عليه مصادر المعرفة.
8 - يلم بخصائص تلاميذه النفسية والجسمية والاجتماعية والاقتصادية؛ لأنه سيكون مراعيا لأساليب تعامله معهم، قادراً على مساعدتهم تربويا وتعليميا، من خلال تكوينه لنظرة شاملة للظروف والعوامل في محيط نمو تلاميذه.