تمثل الوحدة الوطنية للشعب السعودي نموذجاً فريداً ومتميزاً، وعلى مر التاريخ قدم هذا الشعب الوفي صوراً ناصعة في مواجهة الفتن وبالأمس برهن السعوديون على تلاحمهم على خلفية الجريمة الارهابية التي شهدتها قرية الدالوة في محافظة الأحساء.
ففي الأمس القريب ابتهجنا وتشرفت محافظة الأحساء بزيارة سيدي صاحب السمو الملكي وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وذلك لافتتاح عدة مشاريع صحية وعسكرية كان سموه متابعاً لها ولتنفيذها بكل اهتمام وقد لاحظت تلك البهجة كذلك على محيا سمو الأمير وهو المُدرك لأهمية مثل هذه المشاريع ومدى مردودها الاجتماعي والاقتصادي والأمني على محافظة الأحساء وأهاليها والمنطقة الشرقية بشكل عام، حيث افتتح سموه المدينة الجامعية لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز الصحية بالأحساء والتي تضم عدة كليات طبية متخصصة وعمادة للدراسات العليا ومركزاً للأبحاث كما افتتح سموه معسكرات لواء الملك عبدالله الآلي ولواء الملك عبدالعزيز الآلي وكذلك مشروع الخدمات العامة لمدينة الملك عبدالله السكنية بالحرس الوطني، وهذه المشاريع والمنجزات الضخمة تؤكد اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بتقديم أفضل وأرقى المنجزات لهذا الجزء الغالي من وطننا الحبيب ولكن عكر صفو تلك البهجة الحادث الأليم والجبان الذي تعرض له الأبرياء في قرية الدالوة بتلك المحافظة ظناً من المعتدين أن أيادي البناء المستمرة سوف تتوقف وأن معاول الهدم والظلام سوف تؤثر على هذا الحب والتلاحم الوطني وتهدد استقراره ولكن أظهر الله الحق وأزهق الباطل بفضل من الله ثم بفضل سياسات أمنية ناجحة ورجال بذلوا أرواحهم وأنفسهم في سبيل الله.
وذلك يثبت ما ناقشته لعدة مرات أثناء دراستي وحضوري لبعض المؤتمرات الأمنية في داخل وخارج المملكة حيث كنا نناقش الإستراتيجية السعودية في مكافحة الإرهاب وأثناء هذه الدراسة وعرضها كانت هناك بعض المراكز والدراسات التي تطلق على الاستراتيجية السعودية بالإستراتيجية الناعمة في مكافحة الإرهاب (ويقصد بالناعمة هنا هو الحد من استخدام القوة) وقد كنت وما زلت اختلف مع هذا المسمى وكنت أطلق عليها الإستراتيجية الحكيمة في مكافحة الإرهاب، فالحكومة السعودية في تعاملها مع العناصر الإرهابية أو الخارجة، هو تعامل الأب أو الوالد الذي يفرح بعودة ابنه إليه وإلى بيته وكذلك الأب الذي يضع في نفس الوقت حدوداً للتجاوزات والعقاب وهي الحكمة التي عمت وانطلقت منها جميع إجراءات الإستراتيجية السعودية في مكافحة الإرهاب.
فعندما نتذكر ذلك الحديث الأبوي الصادق من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف مع أحد العناصر الإرهابية الذي قام بعمله المشين والغادر ضد سموه حينما كان الاتصال يوضح فرحة أحد رجالات هذا البلد الآمن بعودة ابنهم إليهم كانت هنالك محاولات للغدر والحيلة.
ومع ذلك ما زال رجالات الأمن في هذا البلد يقدمون الكثير من خلال جانبين هما الدعوة والتوعية وكذلك القوة والضرب بيد من حديد على كل من يساوره الشك في قدرات رجالات الأمن وخير دليل على ذلك هو ما قدمه الزملاء من انجاز أمني محترف ليس له نظير وذلك ما اعتدنا عليه منهم بقيادة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف - وفقه الله - حيث تم ضبط 15 عنصراً إرهابياً خلال أقل من 24 ساعة في (6) مدن متفرقة في عملية أمنية تم تنفيذها بحزم واحتراف بعد قيامهم بعملهم الإجرامي ضد الأبرياء في قرية الدالوة محاولين زعزعة أمن هذا البلد الراسخ ولكن وبحفظ الله ثم بحفظ هؤلاء الرجال الذين نقف لهم إجلالاً وتقديراً لتضحياتهم الجبارة، يدحر العدو ويبطل العمل السيئ.
وأروع صور التضحيات عندما يصاب أحدهم قبل فترة دفاعاً عن هذا الوطن وها هو اليوم يقدم نفسه فداء للوطن وأبناء الوطن، فها هو الشهيد النقيب محمد العنزي قد أُصيب قبل ذلك في أعنف المواجهات الإرهابية التي عرفتها البلاد، وهي مواجهة حي الجوازات بالرس عام 2005م واليوم يستشهد رحمه الله وزميله الشهيد الجندي رشيد الرشيد وذلك فداء عن هذا الوطن وأبنائه، هنا أجمل وأروع صور التضحيات فأصابته لم تثنيه ولم تردعه في الاستمرار للدفاع عن وطنه.
كما تبرز صور التضحيات المقدمة من رجالات الأمن وتتنوع فبالأمس نرى صور عدة لرجال الأمن أثناء موسم الحج وهم يقومون برش الماء البارد لتلطيف الأجواء على ضيوف الرحمن ومنهم من ينقل العجزة والأطفال بين أيديهم وعلى أكتافهم واليوم يقدمون انفسهم ودماءهم، فلله درهم ما أجمل ما يقومون به وما أروع ذلك، وليعلم كل حاقد وحاسد أن هذا الوطن بقياداته ورجالاته أسود تبتسم في الرخاء والشدة ولن يتأخروا لدحر المعتدين. ليبقى هذا الوطن عزيزاً رفيعاً ونموذجاً فريداً للوحدة والتعايش والأمن والسلام في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وفقهم الله.