قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (155-157) سورة البقرة.
تأخذنا الحياة في دروبها، وأعبائها وهمومها، فنكاد نغفل عن قصرها وقلة أيامها حتى تعيدنا صدمة الفقد السريع إلى إدراك هذه الحقيقة، ومع الإيمان بقضاء الله وقدره، والتسليم بمشيئته سبحانه وتعالى، فقد صدمت كما صدم الكثيرون مثلي بخبر وفاة الأم الرؤوم والسيدة الفاضلة بدرية بنت عبد العزيز التويجري.. رحلت بنفس راضية مطمئنة راضية بما كتب الله لها يوم الأحد 25 ذي الحجة 1435هـ الموافق 19 أكتوبر 2014م، أثناء تلقيها العلاج بالولايات المتحدة الأمريكية، وبمشاعر يملؤها الألم والأسى، ترك رحيلها حزناً لم يبرح يعتصر القلوب.. إذ آبت إلى بارئها بعد معاناة من المرض، كما آب كثير من الأعزاء والأحباب، فما أشده وأعنفه نبأ موت من نحب، إنه انتزاع جزء من الروح، بكل رهبته ووحشته وما يحدثه من آلام وأحزان ومعاناة.
الموت نهاية كل حياة على وجه الأرض، وحكم المنية في البرية جار وما هذه الدنيا بدار قرار. والإنسان يعيش ما قدر الله له من حياة؛ حتى إذا جاء الأجل لا يستقدم ساعة ولا يتأخر، هي الأقدار بيد الله وحده.. لكن مفاجآت الأقدار ومفارقة الأخيار يكون لها وقع مؤلم في النفوس. كانت أم طارق مجبولة على المحبة والصفاء الإنساني والنقاء الخالص المصفى، تتصف بأفضل ما نحب أن نتصف به.. واصلة للرحم، قريبة من والديها، تذكر أباها دوماً بإعجاب وفخار ومحبة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري رحمه الله، بارة بوالدتها متعها الله بالصحة والعافية.. كريمة السجايا بيضاء اليد تبادل الناس وداً بود، فوعى الجميع تواضعها وابتسامتها وكرمها واحتفاءها وقيامها بما يمليه عليها خلقها السمح وروحها المضيئة.
اشتهر عنها فعل الخير وحب المساكين والفقراء، والعناية بهم وسد حاجاتهم، مؤمنة بأن هذا من أعظم الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى، وترفع الدرجات، وتملأ القلب أنساً وسروراً، وتبعث في النفس راحة وحبوراً.. ومن يرحم ويحب المساكين، لهو دليل على صدق وقوة إيمانه وصلاح قلبه وخشوعه؛ لأنه لا يرجو منهم شيئاً، بل يرجو ما عند الله تعالى.
كما عرفت بالصبر على الشدائد أيام المرض، وكانت ترى فيما أصابها رفعاً للدرجات وزيادة في الحسنات وطهارة للنفس وتكفيراً للسيئات، كما ورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» رواه البخاري؛ وقوله عليه الصلاة والسلام: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن» رواه مسلم؛ وقوله عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيراً يصب منه» رواه البخاري. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة؛ في نفسه وماله وولده، حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة» رواه الترمذي.
أبتاه كفكف دمعك واصطبر
فالصبر عند النازلات يثيب
العمر إن طال الزمان مقدر
والموت من كل الأنام قريب
دنت المنـايا فالحياة سحابة
والخلق خلف ضبابها محجوب
في الختام.. أتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى عم الفقيدة عميد أسرة التويجري الشيخ عبدلله بن عبدالمحسن التويجري، وإلى زوجها معالي رئيس المؤسسة العامة للموانئ المهندس عبدالعزيز بن محمد التويجري، وأشقائها معالي الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري نائب وزير الحرس الوطني، وسعادة الأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، وسعادة الأستاذ محمد بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، وسعادة الأستاذ حمد بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، ومعالي الأستاذ خالد بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس الحرس الملكي، ومعالي الأستاذ عبدالسلام بن عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري المستشار بالديوان الملكي، وإلى أبنائها العقيد طارق بن عبدالعزيز بن محمد التويجري ، والأستاذ معن بن عبدالعزيز بن محمد التويجري والأستاذ حاتم بن عبدالعزيز بن محمد التويجري، والأستاذ ناصر بن عبدالعزيز بن محمد التويجري، ووالدتها السيدة هيلة المنيف، وشقيقاتها، وأسرة الفقيدة كافة، والعزاء موصول إلى أستاذتي الدكتورة حنان التويجري. سائلة الله العلي القدير أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأن ينزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم ذويها الصبر والاحتساب، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.