مما صار الأشد غرابة في مجتمعنا ذلك البروز اللافت للبعض من محبي الظهور وعشاق الوهج والبريق.. مما لا شأن لهم غير اعتلاء المنابر وإلقاء الخطب الرنانة، التي لا تخلو من النيل من بعض رموز الوطن من رجال الفكر والأدب والمثقفين، إلى حد نعتهم بالرويبضة، من خلال أسلوب لا يخلو من التلاعب بعقول البسطاء والدهماء وصغار السن المخدوعين، ومن خلال نهج مختلف عما كان ولا يزال عليه علماؤنا الأجلاء، ممن يعود الفضل لهم بعد الله فيما صارت إليه البلاد بعدما أصبحت قدوة العرب والمسلمين، من خلال منهجها الإسلامي المنقى من كل الشبهات، ليأتي هؤلاء المسيسون ليبتدعوا في منهج هذه البلاد ما ليس فيه، مما ستكون له أشد العواقب على حاضر الأمة ومستقبلها.
ولعل شيئاً من هذا مما تتبدى ملامحه بجنوح البعض من الشباب إلى غير ما كانت عليه الأمة وعلماؤها من اتباع لمناهج الذين يُظهرون غير ما يُبطنون من غايات وأهداف لأعداء الإسلام والمسلمين، التي بينها زرع الفتن وإشعال الحروب الأهلية في بلدان المسلمين وصولاً لإضعاف الأمة بأسرها، مثلما الاستحواذ على ثروات البعض منها، وجعلها الأضعف أمام حلفائهم من اليهود وممن يسعون لجعل دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات.
فهل يعي ذلك غلاة الوهج والبريق، وأن يدركوا أنهم لا يزالون في بداية الطريق، وأن مجرد الحصول على الدرجة العلمية - وإن علت - لا يكفي إن لم يقترن بسعة الأفق ورجاحة العقل والتواضع والحكمة؟ هذا ما نأمله ويأمله كل مواطن بهذا البلد.