مدخل
لا بأس أن نعيش الحب؛ فالحب حياة، لكن أحب من يحق لك أن تحبه ويحبك بصدق.
كثير منا يمر بأحداث ولحظات لا يعرف كيف صنعها القدر، لتمر في لحظة أشبه بومضة عين، فإذ بها «تنتهي» أيضاً في لحظة صعيبة.
في يوم من الأيام مكثت في عملي مدة طويلة سرعان ما انتهت، وانتهى معها عملي لذلك اليوم.
عند خروجي من المستشفى ذاهباً لسيارتي في المواقف وجدت فتى في مطلع العشرين من عمره «يبكي» وهو في سيارته!
ليس غريباً أن يبكي الفتى، لكن الغريب ما الذي أتى به إلى الجهة الأخرى من المستشفى حيث لا أحد؛ فالجميع قد أنهى عمله، وذهب، ولم يبق سوى أبواب مغلقة وأضواء خافتة؟!
كنت أظن أن لديه حالة وفاة أو ما شابه ذلك!
ذهبت إليه.. لأسأله «ماذا بك يا أخي؟!.. لعله خير»
فلم يجب.. لكن إمساكه بهاتفه بشكل لافت ونظراته إليه جعلتني أفكر أكثر بارتباط الهاتف بتلك الدمعة!
فمن لديه حالة وفاة لا يبقى هنا داخل سيارته ممسكاً هاتفه ونظراته تتسارق بين هذه وتلك.
ربما يكون الحب قد اعتال قلبه.. هكذا أظن.
مضت ساعتي دون تفكير وتحليل أكثر لهذا الموقف.
وتمر معها الأيام بسرعة، وكأن الزمن حكم علي بنسيان ما حدث ذلك اليوم.
ومع معمعة الأحداث وسلسلة الصور وترابط المواقف والذكريات وقراءة الكتب والاستماع الدائم للإذاعة الصوتية.. إذ بمذيع إحدى المحطات التي أستمع إليها يطرح موضوعاً يتحدث عن الحب بين الشباب والشابات، ويستمع لآراء وخبرات المستمعين المشاركين معه في الإذاعة.
وطوال ساعات البرنامج والقصص التي يرويها المستمعون وبحات الحزن التي صدتها أصواتهم.. آلمني الكثير بقصصهم، وأدهشني القليل بمزاحهم، بالرغم من أنهم يرون الحب متعة وآفة!!!
حينها أدركت أن القليل يغلب الكثير في بلدي!
فالحب هو شعور مركب من الإحساس والوجدان والتواصل مع الآخرين, وهو شيء طبيعي إذا وُجّه توجيهاً طبيعياً, وانتهي بنهايته الطبيعية.
أما غير ذلك فإنه قاتل الفتى.. كما يقول الأصمعي (مررتُ ذات يوم على صخرة في الحجاز فوجدت مكتوباً عليها بيت من الشعر، وكان من عادة العرب أنهم يردون على الشعر بشعر آخر، وكان مكتوباً على الصخرة
أيا معشر العشاق بالله خبروا
إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟
فجاوب الأصمعي
يداري هواه ثم يكتم سره
ويخشع في كل الأمور ويخضع
قدَّم للشاب نصيحة أن يحاول نسيان الفتاة التي أحبها.
وفي اليوم الثاني مرَّ الأصمعي، ووجد العاشق قد رد بالبيت الآتي:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفي كل يوم قلبه يتجرع
فرد الأصمعي وقال له:
إذا لم يجد صبراً لكتمان أمرِه
فليس له سوى الموت ينفع
قالها الأصمعي ولم يعلم ما هي العواقب، ومرَّ في اليوم الذي بعده فوجد شاباً ميتاً عند هذه الصخرة. وما علِم الأصمعي أن الشاب العاشق يفعلها. قتل نفسه الشاب، وقد كتب على الصخرة:
سمعنا وأطعنا ثم متنا فبلغوا
سلامي إلى من كان للوصل يمنع
هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم
وللعاشق المسكين ما يتجرع) انتهى.
احرصوا على من يكون رفيقكم.. وصديقكم.. وحبيبكم.
فالحب ليس كلمة تتكرر كثيراً.. بل شعوراً واحداً وإحساساً واحداً، لا يستحقه إلا شخص واحد.
مخرج
أخبرني صديقي.. أنها نظرة فابتسامة فموعد فلقاء.. فـ.. «أكملوها كما تحبون»!
ودمتم بخير.