قرأت أمس في صفحة الرأي هنا في الجزيرة مقالاً للزميل الدكتور عبد الرحمن الشلاش تحت عنوان: الطريق من سدني، وشأنه شأن الكثير من كتَّاب الشأن الاجتماعي، فقد حاول أن يحصل على نصيبه من كعكة النهائي الآسيوي الذي كان حديث الشارع الرياضي والمحلي خلال الأسبوعين الماضيين، وهنا لن أتحدث عن محاولة التحليل الفني التي حاول أن يقدمها عن النهائي، ولا عن طريقته في التحليل، ففي النهاية لكلٍ وجهة نظر، من الممكن أخذها ومن الممكن أيضاً المرور عليها كأن لم تكن.
ما يهمني هنا أن الدكتور الشلاش، وبعد كل هذه التجربة الأكاديمية والإعلامية ظهر بشكل لم أكن أتمنى، ولا غيري أن يظهر به، وقدم معلومات مغلوطة لا أدري من أين استقاها.. وكيف اختار الطريقة التي يقدمها بها للقارئ، والقارئ الحصيف يعرف ماذا أقصد؟.
يصف الشلاش التعاطي الإعلامي مع النهائي الآسيوي بـ(الأخرق)، ويعتبر رحلة الهلال إلى سيدني رحلة (سياحية إلى بلاد الكنغر).. وهنا قد يكون له تعريفٌ غير التعريف الذي نعرفه لكلمة (الأخرق)..كما أنه تحدث عن التعاطي الإعلامي بشكل عمومي ولم يحدد الجهة التي تعاطت مع النهائي بشكل أخرق، أما قوله عن رحلة الهلال إلى سيدني بأنها رحلة سياحية، ففي الانضباط الذي سمعناه ونقله الإعلاميون المرافقون للبعثة ما يرد عليه، إلا إذا كان يرى أن السفر المبكر لبلد يستغرق المسير إليه ثماني عشرة ساعة في الطائرة رحلة سياحية لا ضرورة لها، أو أن الواجب على الهلاليين أن يصلوا إلى سيدني قبل المباراة بيوم أو يومين، فهذا أمر يستطيع أيٌ من الراسخين في الشأن الرياضي أو الصحي أو التعليمي الرد عليه بسهولة، وقد أسهب المتخصصون في الحديث عن جدوى السفر المبكر لمثل تلك البلاد، ولست معنياً بإعادة نقل ما أوضحوه من جديد!!
ثم يعود الدكتور الشلاش إلى الإعلام الرياضي، لكنه هذه المرة يتطوع للدخول في نفق التقسيم الإعلامي الذي كذبت أقوام كذبته ثم صدقوها، حيث يقول بتصرف: (الإعلام الرياضي وبخاصة المحسوب على نادي الهلال.. انفلت هذا الإعلام ففرَّق الجماهير السعودية.. أحد الإعلاميين المخضرمين طمأن الجماهير بأن ثلاثية هلالية تنتظر مرمى سيدني في حين وصف آخر الفوز بأنه مسألة وقت.. ترديد مفردات تزيد الشحن مثل لقاء الموت واللقاء الانتحاري....).
في هذا الصدد، ليت الكاتب يتحدث بصراحة عن المقصود بالإعلام الهلالي، وأين يُوجد هذا الإعلام، وهل هو المسيطر على معظم البرامج الفضائية والإذاعية؟؟.. أم أنه خلط بين الإعلام الذي نعرفه جميعاً وبين الإعلام الجديد مثل تويتر والذي لا يمكن ضبطه ولا تحديد المتعاطين معه؟؟.. وليته أيضاً يقول متى انفلت هذا الإعلام، وكيف فرّق الجماهير السعودية؟
- هل عندما تعهد أحدهم يوماً بالنحر من أجل خسارة الهلال؟
- أم يوم ظهر أحدهم بصراحة ليعلن على الملأ رغبته وأمانيه بخسارة الهلال؟
- أم عندما ظهر مشجعون من فريق آخر دون 169 نادياً سعودياً لاستقبال فريق جاء ليواجه الهلال؟
- أم.. وأم.. وأم...؟؟
وليته يقول أيضاً: ما هي الوسيلة الإعلامية المحسوبة على الهلال وفقاً لتقسيمه التي وصفت النهائي بلقاء الموت واللقاء الانتحاري؟؟.. ومن هو الإعلامي الذي طمأن الجماهير بالثلاثية، والآخر الذي قال إنها مسألة وقت.. وهنا لو سلَّمنا بأن شخصاً ما قال ذلك، فلا بأس فهو يتوقع ويقول رأيه ولا يمكن لأحد أن يصادره خصوصاً أنه لم يتعرض لأحد ولم يُسئ لأحد!!
إن المشكلة التي يعاني منها الوسط الإعلامي بكل أطيافه أن البعض هنا يلصق كل ما يقرأه فيه، فعندما يكتب مشجع هلالي اللقاء الانتحاري أو لقاء الموت ويقرأها هذا البعض، يقوم عقله الباطن بتمريرها فيما بعد على أنها رأي إعلامي صرف، ثم يقوم بتكييفها حسب ما يريد، وتوجيهها إلى حيث يحب، لهذا اختلط الحابل بالنابل، وأصبحنا نقرأ آراءً عجيبة غريبة كرأي الدكتور الشلاش، لا تقوم على دليل ولا تسندها حجة!!
ختاماً، اخترت لكم هذه العبارة من مقالة الدكتور الشلاش.. ولكل قارئ تفسيرها بالشكل الذي يراه.. يقول: (مباراة نهائية أشبه ما تكون بالكعكة اللذيذة التي يسعى كل مشفوح لالتهام نصيبه منها).. طبتم وطاب طعم هذه الكعكة في فم كل مشفوح سعى لالتهام نصيبه منها، وعلى رأسهم كاتبنا الشلاش...
* * قالت العرب: (من تحدث بغير فنه أتى بالعجائب)