استوقفني مقال الكاتبة الدكتورة ثريا العريض عدد الجزيرة رقم 15370 الذي جاء تحت عنوان (الثقة.. الثقة.. الثقة!) الذي عقدت فيه مفارقة أرى أنها مرتكز مهم للعلاقة بين المسؤول والمواطن في بلادنا، والمسؤول والمواطن في مجتمعات أخرى، حين طرحت سؤالها: لماذا حين يتذرع المسؤول الغربي بذريعة «المحافظة على الأمن» يجد من المجتمع كل تعاون وتقبل سواء كان هذا الأمن داخل الحدود أو خارجها، بينما حين يتكلم المسؤول الشرقي عن «المحافظة على الأمن» يفهم منه الرغبة في القمع والتشديد على المجموع الداخلي؟ هل لأن الغرب استطاع أن يفرض في بوتقة التعددية ما يجب أن يلتزم به كل فرد من أي فئة ليحصل على حقوق الانتماء؟ وأولها الحماية من تجاوزات الآخر الذي يعي اختلاف خصوصيته ورغباته رغم انتمائه إلى نفس البوتقة؟. أم لأن الشرق لا يستطيع تقبل فكرة اختلاف تفاصيل الفئات ومرئياتها حول ذواتها وبالتالي لا يستطيع أن يضمن تعايشها بسلام إلا بممارسة التشدد؟ الأسئلة التي تحمل في طياتها تشخيصاً لأحد أخطر أمراض المواطَنة على الإطلاق، حين تنعدم الثقة في دوافع رجل الأمن العربي من أجل ممارسة مهمته التي هي أمن المجتمع، ما يقيد أداء رجال الأمن في كثير من مجتمعاتنا ويعوقها عن أداء مهامها، تحسباً من ردة الفعل الشعبية التي لا هم لها سوى انتقاد رجال الأمن، وكأننا نعيش في مجتمعات الملائكة ولا مبرر لأي تدابير أمنية من شأنها حصار مثيري الفتن والقلاقل وما أكثرهم في مجتمعاتنا. نحن في حاجة لأن نعي خطورة الانتقاد الدائم لرجال الأمن، أو التشكيك في نواياهم، فلا خيار أمامنا سوى أن نضع أيدينا في أيديهم، حتى إن لم نستسغ بعض القرارات، أو فقدنا مع بعضها هامشاً من الحرية، فلا بأس ما دام المغرض والمخرب والمحرض على التخريب وتهديد اللحمة الوطنية، سيفقد في المقابل، حريته كلها.