لم تعد رؤية أغلب الجامعات متوقفة و مقتصرة على تخريج أعداد من الخريجين والخريجات إنما بدأت تطمح للريادة والتأسيس للعالمية وتبوء موقع علمي مرموق في خارطة العالم المتحضر من خلال تبنيها برامج وأنشطة إنتاج وتوليد المعرفة والتنافس على تحقيق الإنجازات والاكتشافات والاختراعات العلمية حيث أصبح هذا المفهوم سيد الموقف بل أصبح من أولويات المجتمعات الطموحة فضلا عن معاقل التعليم والتي اتخذت من العلوم والبحوث سلماً لصعود المراتب العليا وتحويل المجتمع من مستهلك للمعرفة لمجتمع منتج ومصدر لها.
وقد أدركت الجامعات أنها لن تحقق الريادة العالمية والحصول على مراتب متقدمة فى التصنيفات العالمية من دون تهيئة الأجواء وخلق البيئة المناسبة والأرض الخصبة للقفزة النوعية في التعليم الجامعي وتكمن في تفعيل نشاطات توليد المعرفة والمتمثلة في البحث العلمي والإبداع والابتكار ومن هنا جاء الاهتمام بالكراسي وهي (منحة مالية أو عينية دائمة أو مؤقتة لتمويل برنامج بحثي أو أكاديمي في الجامعة ويمكن أن يكون الكرسي العلمي دائماً أو مؤقتاً أو وقفيا).
وإذا كانت الجامعات المصدر الرئيسي لشعاع العلم والتقدم العلمي فتعتبر كراسي البحث العلمي ومراكز التميز البحثي بمثابة القطب من الرحى فهي النافذة التي تطل من خلالها شمس التطور العلمي وتوليد الإنتاج المعرفي وهي رحم الاختراعات والابتكارات والتي لاتولد إلا بعد مخاض عسير من البحث والتحقق. كما أنها الحاضن للإنجازات العلمية العملاقة فكثير من الأمراض المستعصية والعقبات الحائلة للتنمية قد فك لغزها من خلال تلك الكراسي.
وبعدما حققت الكثير من أهدافها المنشودة حيث تكشف لنا الصحف يوما بعد يوم عن إنجاز واكتشاف جديد أصبحت محل أنظار وأمل المجتمع خصوصا المستفيدين من برامجها لاسيما الصحية منها. ومن هذا المنطلق وفي سياق الموضوع لدينا بعض المقترحات/
1 - لكي يبقى مصباح الكراسي مضيئا فهو بحاجة إلى تزويده بالزيت فهنا يأتي دور الجامعات على تعريف المجتمع على أهمية الكراسي والترويج لها إعلامياً لتتضح صورتها ودورها وأهميتها لدى المجتمع ومن ثم يتم دعمها لتواصل عملها.
حيث إنها تقوم على الشراكة المجتمعية فهي من وإلى المجتمع.
2 - بذل المزيد من الامتيازات والحوافز التشجيعية لممولي كراسي البحث.
3 - ينبغي أن تدار الكراسي بأيدٍ وخبرات سعودية لاسيما أستاذ ومشرف الكرسي والباحثين
حيث إن العبرة في الاكتشافات والإنجازات العلمية كونها صدرت من عقول سعودية لأنهم الثروة الحقيقية كما تعبر القيادة عن ذلك في كل حدث وحديث فيجب التركيز على جانب السعودة. وبالطبع لا يمكننا أن نغفل الاستعانة بالخبرات الدولية واستقطاب الأساتذة الزائرين وتبادل العلوم والتعاون المعرفي بين الجامعات الدولية.
وأخيراً نذكر أهل الخير من رجال الأعمال والميسورين بأن تبني هذه الكراسي يجسد ويترجم ويأخذ بحسنات وامتيازات الحديث النبوي الشريف إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به.
مع تحياتي.