لا تزال بعض الوزارات الحكومية في بعض البلدان تعاني مما يمكن أن يُطلَق عليه «جدلية» نشر الصيرفة الإسلامية ببلدانها؛ إذ تعاني بعض الدول كقازاخستان وموريشيوس من وجود أطراف لا يميلون لتشجيع انتشار الصيرفة الإسلامية. فقد أدى تعيين محافظ جديد للبنك المركزي في قازاخستان، إضافة إلى سلسلة من المبادرات التي أطلقها البنك الإسلامي للتنمية، إلى إنعاش آمال بتطوير صناعة التمويل الإسلامي في البلاد.
فقد قام رئيس قازاخستان نور سلطان نزارباييف بإقالة محافظ البنك المركزي جريجوري مارتشنكو، وعيّن بدلاً منه نائب رئيس الوزراء خيرت كليمبيتوف.
وقال لرويترز يرلان بيدوليت ممثل قازاخستان في مجلس المديرين التنفيذيين بالبنك الإسلامي للتنمية، ومقره جدة، على هامش المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في لندن: إن تلك الخطوة قد تشكّل بداية جديدة للتمويل الإسلامي في البلاد.
وأضاف «بعد نحو خمس سنوات من إدخال التمويل الإسلامي لم يطرأ على الموقف تغيُّر يُذكر. حاول المحافظ السابق وقف كل شيء».
ويشكّل المسلمون ما يقرب من 70 في المئة من سكان قازاخستان البالغ عددهم 17 مليون شخص. ورغم قول الحكومة إنها تريد أن تجعل من البلاد مركزاً للتمويل الإسلامي إلا أن التقدم الذي تم إحرازه كان بطيئاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أعلنت الحكومة أيضاً أنها علمانية، ولا يريد المسؤولون أن يبدو عليهم تدين واضح.
وفي الوقت الحاضر، فإن مصرف الهلال، ومقره أبوظبي، هو البنك الإسلامي الوحيد في قازاخستان، وبدأ ممارسة أنشطته في مارس/ آذار 2010، ولم يستفد حتى الآن من سوق التجزئة المصرفية.
لكن بيدوليت قال إن منحة من البنك الإسلامي للتنمية - وهو مؤسسة إقراض متعددة الأطراف - مهدت الطريق نحو البدء في وضع مسودة قانون جديد للأنشطة المصرفية الإسلامية؛ ليحل محل قانون أُقر في 2008، يفتقر إلى تفاصيل كافية.
وأضاف «قانون الأنشطة المصرفية الإسلامية مجرد حزمة من تعديلات مختلفة بدون عمق أو هيكل أو آلية. نأمل بإصدار قانون جديد.. قانون مستقل».
من ناحيه أخرى، لجأت حكومة قرغيزستان إلى شركة دولية للخدمات القانونية لمساعدتها على وضع قواعد للسندات الإسلامية (صكوك) والتأمين الإسلامي (تكافل) في البلاد التي يقطنها 5.5 مليون نسمة، أغلبهم مسلمون.
وقالت شركة سيمونز آند سيمونز للاستشارات القانونية في بيان لها: إن من المقرر تمويل الخدمات الاستشارية بمنحة مساعدة فنية من البنك الإسلامي للتنمية الذي يتخذ من جدة مقراً له.
وذكر النائب الأول لرئيس وزراء قرغيزستان تاير بيك سارباشيف أن بلاده تتطلع إلى توسيع قطاع التمويل الإسلامي لجذب استثمارات أجنبية.
ونقل عنه قوله: «تتوقع الحكومة أن يجذب الاقتصاد استثمارات كبيرة، تؤثر إيجاباً في تنمية السوق المالية والقطاع المصرفي».
ولم يحدد البيان إطاراً زمنياً لتدشين القواعد الجديدة. وقد يعتقد أن التمويل الإسلامي سيساعد البلاد على جذب أموال من الخليج وجنوب شرق آسيا.
وتواجه قرغيزستان مهمة شاقة، تتمثل في خفض معدل الفقر، وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في بلد يبلغ فيه نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 1300 دولار، أو عشر نظيره في قازاخستان المجاورة الغنية بالنفط.
موريشيوس والتباطؤ
انتقد محافظ البنك المركزي في موريشيوس تأخر الجزيرة في تطوير التمويل الإسلامي قائلاً إن هذا التباطؤ قد يحرم القطاع المالي من فرص نمو، ويزيد المخاطر.
وقال رونديرسينغ بينيك في خطاب سنوي إن موريشيوس تحتاج إلى تشريعات للنهوض بالقطاع المالي. ويحاول البلد الإفريقي تنويع النشاط الاقتصادي لتقليل الاعتماد على السياحة والمنسوجات.
ويمثل المسلمون أقل من خمس سكان موريشيوس البالغ عددهم 1.3 مليون، لكن طرح أدوات مالية مثل السندات الإسلامية (الصكوك) قد يساعد على اجتذاب استثمارات من صناديق إسلامية في الخليج وجنوب شرق آسيا.
وقال بينيك في الخطاب: «أقر بأن علينا أن نغطي بعض النواحي لحماية النظام المالي من المخاطر، ونزيد عمق سوق المال. طرح الصكوك من المجالات التي ما زلنا متأخرين فيها كثيراً».
وأضاف بأن التباطؤ يرجع في الأساس إلى مصاعب في وضع التشريعات اللازمة، وأن «جهة رئيسية» لم تغير سلوكها لتسهيل ذلك الأمر. ولم يذكر اسم تلك الجهة.
وقال المحافظ الذي يدعو للاتجاه إلى التمويل الإسلامي منذ انضمامه إلى البنك المركزي في 2007: «أستغرب ذلك التباطؤ في مبادرات تهدف لتعزيز أمن نظامنا المصرفي والمالي».
ويأتي الخطاب المفتوح، الذي دعا فيه المحافظ أيضاً إلى مزيد من الاستقلال للجنة السياسة النقدية، بعد أسابيع من خلاف بين البنك المركزي ووزارة المالية بشأن مستويات أسعار الفائدة في الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي.
وعدلت موريشيوس قوانينها في 2008 لتسمح للحكومة بجمع تمويل من خلال الصكوك، لكن بينيك قال إن الحكومة لم تدرج الصكوك على جدول إصدارات الدين العام بالرغم من دعوات البنك المركزي.
وقال محافظ البنك: «هذا يهدد فرصنا في لعب دور أكبر في عالم التمويل الإسلامي الدولي المتنامي».
ويعمل البنك على تنفيذ مبادراته الخاصة للتمويل الإسلامي في حدود إمكاناته.
وقال بينيك إن البنك المركزي تلقى في نهاية العام الماضي طلباً من بنك كبير في موريشيوس للحصول على رخصة لفتح نافذة معاملات إسلامية، لكنه لم يذكر اسم البنك.
وفتحت مؤسسة القرن المصرفية - وهي أول بنك إسلامي كامل في موريشيوس - أبوابها في 2011.