سعادة رئيس تحرير الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يفتح تقرير الجزيرة المنشور في عددها رقم 15373 تحت عنوان (منتدى الأعمال الكوري السعودي الأول يدعو لتعزيز التعاون في مجال الاقتصاد المعرفي) طاقة أمل واسعة يتطلع منها السعوديون نحو مستقبل بلادهم، لكن التطلع وحد لا يكفي في ظل هذا الحراك الكبير من الدولة في اتجاه اقتصاد المعرفة الذي يراهن عليه جميع دول العالم اليوم.
ولاسيما في ظل التصريحات المبشرة لمحافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان عن فترة التحول الكبرى التي شهدتها المملكة خلال الأربعة عقود الماضية لتصبح واحدة من أهم لاقتصادات العالمية وأكبر اقتصاد في المنطقة، وتأكيده أن المملكة مؤهلة لأن تكون ذات اقصاد متعدد المصادر وقائم على المعرفة، وإشارته إلى أن المملكة تكتب اليوم فصلاً جديداً في رحلتها إلى الاستدامة وتنويع مصادر الدخل لتكوين اقتصاد منافس، والمزايا الاقتصادية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي كون المملكة حالياً ورشة عمل كبرى للمشروعات في مجال الإنشاءات والبناء بقيمة تتجاوز ترليوني ريال، وإنفاق سنوي على مشروعات جديدة أخرى بمعدل 400 مليار ريال مما يدل على وجود طلب قوي ومستدام لتنفيذ مشروعات كبرى من خلال المستثمرين المتطلعين بجدية للاستثمار في المملكة.
وتتوافق هذه التصريحات لمعالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار مع قراءات سابقة لمؤشر اقتصاد المعرفة الذي تحويل إليه الاقتصاد السعودي مبكراً لإحداث نهضة اقتصادية شاملة في المملكة، باعتبار الاقتصاد المعرفي مورداً اقتصادياً مهماً يفوق مردوده الموارد الاقتصادية الطبيعية، وهو ما يؤكده التقدم الذي أحرزته البلدان التي لا تمتلك موارد طبيعية مثل اليابان وكوريا وسنغافورة.
وأولت المملكة اهتماماً خاصاً بالسياسات والبرامج التي تدعم أنشطة البحث والتطوير والابتكار وريادة الأعمال وإنشاء الحاضنات التقنية، وهناك العديد من المؤشرات المحلية والعالمية التي تؤكد تنامي جهود المملكة وإنجازاتها في عدد هذه المجالات، ومن الشواهد على ذلك زيادة الإنفاق السعودي على البحث والتطوير الذي ارتفع من 0.4% عام 2010، إلى نسبة 3.4% عام 2013 لتصبح المملكة الأولى على المستوى العربي، وتبوئها موقعاً متقدماً في تقرير التعاون البحثي بين الجامعات والصناعة لعام 2010م حيث احتلت المرتبة 33 بين 139 دولة, كما احتلت المرتبة الأولى عربياً بفارق كبير في عدد براءات الاختراع المسجلة عالمياً حيث سجلت حوالي 45% من مجمل المسجل من العالم العربي، وكذلك ارتفع أداء المملكة في مؤشر اقتصاد المعرفة ومؤشر التنمية البشرية ومؤشر التنافسية العالمي من المرتبة 35 عام 2007م إلى المرتبة رقم 17 خلال عام 2011م من بين 142 دولة.
وإننا نعول كثيراً في هذا الصدد على جهود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تسعى جاهدة وتسخر جميع برامجها للمساهمة في زيادة النهضة الاقتصادية والعمل على دفع عجلة تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على مصادر النفط والبتروكيماويات، من خلال دعم البحث العلمي وريادة الأعمال التقنية وتوفير البيئة المحفزة للابتكار، وفقاً للخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية والابتكار، التي رسمت رؤية إستراتيجية واضحة لتحول الاقتصاد السعودي إلى اقتصادي مبني على المعرفة بحلول عام 2025.
وإذا علمنا أن تقريراً سابقاً للبنك الدولي للاستثمار المعرفي KEI أوضح أن السعودية هي أكثر دول العالم التي حققت تقدماً في تصنيفها العالمي في الاستثمار المعرفي، وأن المملكة قفزت 26 مركزاً منذ عام 2000 لتحتل المركز 50 من بين 146 دولة تضمنها التصنيف بعد أن كانت في المركز 76 في عام 2000، فإننا نزداد اطمئناناً، إلى أن ما يتردد ذكره من أرقام تمثل قفزات على صعيد الاقتصاد المعرفي لبلادنا، ليست تقديرات داخلية لمسؤولينا، بقدر ما هي شهادات دولية لبلادنا بأنه على أعتاب عصر اقتصادي جديد.