السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت في عدد الجزيرة رقم 15371 مقالاً للكاتب م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي، تحت عنوان (الشركات الصالحة) يحدد فيه السمات التي ينبغي توافرها في أي شركة حتى تصبح أهلاً لوصفها بأنها «شركة صالحة»، وأورد الكاتب من هذه السمات أن هذه الشركات «هي التي لا تحتكر السلع أو الخدمات ولا تلوّث البيئة.. وهي التي تغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.. الكريمة في عطائها.. المسؤولة عن أفعالها.. الشفافة في تعاملاتها.. الأخلاقية في ممارستها. التي تتعامل مع موظفيها على أنهم أصل في رأس مال الشركة لا مركز تكلفة.. وأن رعايتهم تأتي في أولويات عملها.. وهي التي تتعامل مع عملائها من منظور ربح ومصلحة الطرفين وفائدتهم.. وليس من منظور استغلالهم. والتي تهتم بالبيئة التي تنشط فيها ويعيش فيها مجتمعها فلا تفسد نموه ورفاهه لمصلحة أنانية بتلويثه أو إهدار طاقته وموارده الطبيعية.. وتُظْهِر لهذا المجتمع اهتمامها العميق والحقيقي بكل قضاياه.. وتدعم البحث عن الحلول الخلاَّقة المبتكرة لحل مشكلاته واستغلال موارده المتاحة وتنمية مهارات أفراده».
ولعل ما أود التركيز عليه ذلك البند الخاص بوضع موظفي الشركة حيث يقول الكاتب: «كان ترتيب الأهمية في الاقتصاديات السابقة يقول إن الشركة أولاً والعملاء ثانياً والموظفون ثالثاً.. واليوم انقلب ذلك الترتيب فأصبح الموظف أولاً والعميل ثانياً والشركة ثالثاً.. من هنا صار تقييم الشركات يقوم على ثلاثة أسس: أولها دورها كرب عمل.. ثانيها دورها كبائع منتج أو خدمة.. ثالثها دورها في خدمة المجتمع».
وهذا الأخير هو بيت القصيد حتى نحكم على أي كيان استثماري بأنه ناجح بحق، ورؤية المهندس الماضي هذه تتوافق كثيراً مع السمات التي تميز الشركات الناجحة حول العالم ويميزون بها بين الشركات الناجحة عن تلك التي لا تدوم طويلاً، إذ تتصدر هذه السمات ثقافة الشركة في نظرتها لموظفيها؛ ويرى المختصون أن المواهب التي تمتلكها المؤسسات (الموظفون)، تعد من أقوى المؤشرات على نجاحها. ويحددون طرقاً لمساعدة موظفي الشركات على النجاح في مهامهم، وإطلاق العنان لإمكاناتهم الحقيقية، منها:
أن يكون استقطاب المواهب والحفاظ عليها من أهم أولويات الشركة، فالموهبة هي القوة الدافعة لإنجاح الأعمال. وفي حين يصعب تحديد قيمة وموهبة كل موظف، إلا أن واحداً منهم على الأقل، يسهم بشكل مباشر في النتيجة النهائية، سواء للأسوأ أو للأفضل. وقد يسهل على أصحاب بعض الشركات التجارية الابتعاد عن واقع موظفيهم، والنظر إليهم بوصفهم سلعا يمكن استبدالها بسهولة، إلا أن الشركة الناجحة تنظر إلى موظفيها على أنهم أصول قيمة. والأصول إن تمت إدارتها بشكل صحيح، تعمل على خلق قيمة للشركة في المقابل. وتماماً مثل براءة اختراع تكنولوجي أو علامة تجارية قوية، يعد الموظفون الموهوبون أصولاً حقيقية للمؤسسة.
كما أن الخسائر المترتبة على توظيف موظف جديد وتدريبه، من إحدى المشكلات التي ستواجهها الشركة عندما يتركها الموظف. فضلاً عن فقدانها لخبراته.
إن إشعار الموظفين بالأمان الوظيفي والثقة، من أهم الوسائل لخلق مكان عمل يبعث على التحفيز. فإن عدم التيقن من مستقبل الشركة أو طبيعة الدور الذي تؤديه، سيدفع الموظفين للبحث عن عمل أكثر أماناً.
لذلك، فإن تواصل الإدارة مع الموظفين أمر أساسي. كما أن أصحاب الشركات ومديريها قادرون على تبديد مخاوف موظفيهم وتعزيز شعورهم بالأمان، من خلال التواصل الفعال. عليك أن تعمل على مشاركتهم آخر النجاحات، للتأكيد دائماً على ارتباط نجاح الموظف بنجاح الشركة.
كما أن العلاقات الشخصية في الشركات قد تؤثر إيجاباً، مما يساعد في تحفيز الموظفين وتنمية روح الولاء لديهم.
ويمكن تحفيز الكثير من الموظفين عن طريق المكافآت والتعويضات.
لذا، على الشركات التي تريد لنفسها خيراً أن تكون رواتب موظفيها تساوي القيمة التي يضيفونها للشركة.
إن الموظفين وثقافة الشركة هما القوتان المؤثرتان خلف المؤسسات الناجحة. وقد تكون التكنولوجيا والتسويق والمبيعات وغيرها أمورا حاسمة في مؤسسة ما، ولكن هذه الأمور غالباً ما يتم قيادتها بالموهبة الإنسانية، لكن هذا الفكر مع الأسف أصبح غائباً عن ذهن قطاع عريض من مؤسساتنا اليوم، وهو -من دون شك- مقدمة إلى تراجع أداء هذه المؤسسات، وربما انهيارها مستقبلاً، ولاسيما إذا كانت المؤسسات المنافسة تنظر بإيجابية إلى علاقتها بموظفيها.