هذه رسالة للعقلاء..
وإن شئتم انظروا لها على أنها كتبت بلغة غاضبة بقلم لا علاقة له بالرياضة..
وهي احتجاج غير عادي لمواطن آذاه ما سمعه أو شاهده أو قرأه في وسائل الإعلام..
من بذيء القول..
وخدش الحياء..
والاستخفاف بعقول الناس..
وتجاهل المثل والقيم والإخلاص والفروسية التي ترمز إليها وتدعو لها الرياضة.
هذه رسالة للعقلاء..
لكل واحد منهم..
للكبير فيهم والصغير..
من حمل قلماً..
وظن أنه من الكتبة..
أو ظهر متحدثاً في قناة أو مذياع..
فاعتقد أنه هناك من يصغي له بإعجاب..
فيما هو يسيء إلى نفسه أولاً، وإلى الوسيلة الإعلامية ثانياً..
فهناك من يضحك له..
ومن يضحك عليه..
لا فرق، فهو في الموقع المناسب لإطلاق هذا التندر والضحك له وعليه.
هذه رسالة للشرفاء والغيورين والمحبين لوطنهم من أمتي.
تحمل باسمهم أو نيابة عن بعضهم للتندر والرفض لكل أسلوب رخيص يمس مصلحة الوطن..
رفض لما يكتبه ما يسمى بكاتب..
أو يتحدث فيه من ظن أنه وجه إعلامي مطلوب..
وإن شئت فقل من ابتلي بداء ومرض التغريدات، فأعطى من يقرأ له أفكاراً نتنة يستحيي العقلاء من البوح بها..
هي لهؤلاء وعنهم..
فقد تكون ذات فائدة، أو تذكيراً بما ينبغي أن يكونوا عليه..
فالرسالة وإن تكن للعقلاء، فلعل الآخرين يكونون من الآن في اصطفاف على الخير معهم.
لقد كتبت جزءاً من الكلمة هذه قبل بداية مباراة الهلال مع الفريق الأسترالي أمس، وأكملتها خلال المباراة، إذ ليس من عادتي أن أشاهد المباريات، ولا أرغب أن أتعمق في فهم المنافسات الرياضية، أو الدخول في حمى الصراع بين الأندية على البطولات ومرات الفوز، بينما كان الرياضيون مساء أمس بين حاضر بالملعب أو مشاهد للمباراة من خلال جهاز التلفزيون، فيما كنت في موقع آخر أكمل هذه الرسالة لكم بعد أن حرضني عليها هذا اللغط والإسفاف ممن يفترض فيهم التوجيه الحسن والتعامل الراقي مع هذه المباراة أو أي مباريات أخرى قادمة للفرق السعودية سواء على مستوى الداخل، أو حين تكون المنافسات خارجية.
وقصة التحريض هذه بدأت من خلال التمنيات غير المسبوقة -على ما أعتقد- بتبني بعض الصحفيين الرياضيين هزيمة الهلال وفوز الفريق الأسترالي، في تصرف أحمق لا ينتمي إلى مفهوم المنافسات الرياضية الشريفة، ولا لمبدأ الموضوعية والاعتدال الذي ينبغي أن يكون عليه الصحفي، وفضلاً عن أن الهلال أو أي فريق آخر سواء النصر أو الاتحاد أو الأهلي أو غيرها عندما تكون ممثلاً للوطن في المستقبل بمثل ما هو عليه الهلال الآن فيجب أن يصطف كل المواطنين ويقدروا التفكير السليم بتشجيعه والإعلان عن ذلك بفخر واعتزاز.
ما حدث يمثل عاراً -وأي عار- ويجب ألا يتكرر، فها هم وزراء ورؤساء وزراء ومفكرون وفنانون ورياضيون من دول الخليج العربي لا يتترددون في إعلان تأييدهم للفريق السعودي في المباراة، وفرحهم المبكر فيما لو فاز على الفريق الأسترالي، فأين صحفيونا ولا أقول جمهورنا من هذه العقلية والروح الرياضية العالية.
أنا لا أنتمي لأي ناد رياضي -صدقوني- ولا أشاهد المباريات الرياضية، ولا يهمني محلياً من يفوز أو يحقق أي بطولة، لكني أنحاز لأي فريق سعودي حينما يكون منافساً لغيره، فكيف إذا كان الفريق السعودي يمثل الوطن، ويرفع علمه، ويحتفل بعزف سلامه الملكي، وترفع صورة خادم الحرمين خلال أجواء المباراة، وهو ما يفترض أنه قام به الهلال أمس، وشهد تأييدا أو إشادة ودعماً من كل الجماهير العاقلة، بينما لايزال هناك من يؤطر المنافسات الرياضية في دائرة منغلقة ومغلقة، تتمثل في التعصب، وقتل الروح الرياضية، والبعد بالرياضة عن أهدافها الجميلة، في وقت ينبغي أن تجمع ولا تفرق بين شبابنا، وأن تزيد اللحمة بين مواطنينا لا أن تكون سبباً في التفرقة وإظهار الكراهية، وإعطاء المباريات والبطولات أكثر من أنها فوز وخسارة لهذا الفريق أو ذاك.
أكتب هذا الكلام، والمباراة تجري الآن، ولا أعرف شيئاً عن نتيجتها، ولا ولمن ستؤول البطولة في نهايتها مع تمنياتي بفوز الهلال، والمؤكد بأن الفريق السعودي أو الفريق الأسترالي سيفوز أحدهما على الآخر، ولن ينتهي أي من الناديين أو يغلق ناديه إلى الأبد بمثل هذه الخسارة، وإنما سيكرر التجربة مرة بعد أخرى إلى أن يبلغا مباراة نهائية قادمة ويفوز من خسر هذه المباراة ويكرر الفوز من كان صاحب الحظ وفاز بها أمس.
إن اعتراضي على من يدعون بأنهم إعلاميون أو صحفيون أوكتاب رياضيون، وأنا حقيقة أعرف بعضهم بالاسم وبعضهم بالوجه، والمصادفة تضعني أحياناً أمام هذا الغث من كلامهم، وهو ما حدث لي مع آرائهم قبل المباراة، فحفزني ذلك لأكتب هذه الرسالة للعقلاء ليتعرفوا عليهم كما تعرفت عليهم، ولا بأس أن يقرأ ايضاً هذا النوع من الذين ابتليت بهم الرياضة والإعلام، فأساؤوا إليها كما لم يسئ إليها أحد من قبلهم، لعلها تكون تذكرة مرور لهم لينتقلوا من مواقع الذم والافتراء والخروج عن عدم الالتزام بالحياد والروح الرياضية إلى مواقع تحمل سمة الرياضي الحق الذي يحب وطنه، وبالتالي يحب كل رياضييه وأنديته وفرقه الصغير منها والكبير، حين نكون في محفل دولي أو قاري كهذا المحفل الذي ناب عنا فيه نادي الهلال، متمنياً من جمهور الهلال عدم التأثر من موقف أي ناد آخر وقف إعلاميوه هذا الموقف السلبي المتخاذل من ناديهم، إذا ما قدر لأندية أخرى أن تمثل المملكة بل إن على الهلاليين عدم مجاراتهم إلا بما يعزز مفهوم الرياضة كمجتمع وتنظيم وأهداف لا يمكن أن تحقق إلا من خلال الحب والتعاون وفهم المنافسة الرياضية على أن ركائزها الحقيقية إنما تتمثل في القيم والالتزام بالمبادئ التي أسست من أجلها الأندية الرياضية، ولقيت من الدعم السخي والرعاية الكريمة ما يسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سلمان بن عبدالعزيز.
تحية للعقلاء من صحفيينا وما أكثرهم، وعسى أن تكون هذه الرسالة قد وصلت للآخرين، فتذكروا حق الوطن بكل مؤسساته -بما فيها الرياضية- بالدعم والمساندة، لا هذا القول الذي أثار مشاعرنا وأساء إلينا.