قال بعض الأوروبيين إن فكرتهم عن الجنة هي أن يكون فيها الميكانيكيون ألمانيين، الطباخون فرنسيين، الشرطة بريطانيين، العشّاق إيطاليين، وكل شيء رتّبه السويسريون. وأما فكرتهم عن الجحيم فهي أن يكون الميكانيكيون فرنسيين، الطباخون بريطانيين، الشرطة ألمانيين، العشّاق سويسريين، وكل شيء رتّبه الإيطاليون!.
اشتهرت هذه المقولة الطريفة، ويبدو أن فيها الكثير من الصحة لأن بعض الأوروبيين لم يكتفوا بموافقتها بل علّقوها في مكاتبهم! وهذه الطُرفة تعكس الصورة التي اشتهرت عن بعض الشعوب لدى الغير، فأما الميكانيكي فمن الجيد أن يكون ألمانياً لِما عُرِف عنهم من تقنية وإتقان، وسيئ أن يكون فرنسياً بسبب ضعفهم في هذا المجال، والمطبخ الفرنسي اشتهر بالرُّقي عكس الطبخ البريطاني الذي يُضرب به المثل في سوء الطعم، وأما الشرطة فهي إشارة إلى الصرامة الألمانية المعروفة (وربما للحرب العالمية الثانية التي فعلت فيها ألمانيا الأفاعيل) لكن الشرطة البريطانية عُرِف عنهم اللباقة والكفاءة، وأما العاشق فهي إشارة للصورة التي اشتهرت عن الإيطالي وهي أنه شاعري رومانسي بينما السويسري يُرى أنه ممل جامد، وآخر جزء من الطرفة هو عن التنظيم حيث عُرِف عن السويسريين حُسن الترتيب وإتقانهم لدقائق الأمور – وخذ الساعة السويسرية التي يشار إليها بالبنان – بينما الإيطاليون صورتهم أنهم فوضويون إلى حد ما!
طبعاً التعميم لا يصحّ وهذه الصور النمطية كثيراً ما تحمل الأخطاء والتحيزات، بل والضغائن القديمة التي تجاوز عمرها عشرات السنين، لكن هذا موضوع شيق، أي: ما هو رأي الشعوب في الشعوب الأخرى؟ شدني ما شاركه أحد الأمريكان ممن عاش في أوروبا وتتبّع هذا الموضوع بالذات، فيقول إنه لاحظ أن الفرنسيين لا يحبهم الكثير من الأوروبيين بسبب غطرستهم، وأن الإيطاليين صورتهم إيجابية عموماً خاصة بسبب طعامهم الشهير، وأن هناك انقساماً داخل إيطاليا نفسها بين أهل الشمال والجنوب، فيرى الشماليون أن الجنوبيين كسالى بينما أهل الجنوب يرون جيرانهم الشماليين خالين من التحضر والاستمتاع بالحياة، وأما الألمان فلهم نصيب الأسد من مشاعر وآراء الشعوب الأخرى بسبب تاريخ ألمانيا الحربي في أوروبا، فلا زال الألمان يثيرون بعض المشاعر السلبية في بعض الدول التي حولهم مثل الدنمارك وهولندا – وهي دول وقعت ضحية سهلة لقوات هتلر -، ويُنظَر للألماني أنه مبالِغ في الجدية وعديم المرح والفكاهة، لكن هذه نفس النظرة التي ينظر بها الألمان إلى السويسريين (وهم ألمان في لغتهم)، وأنهم أشد تزمّتاً منهم!
ختاماً، الكل له رأي في الكثير من الشعوب، لكن أغرب ما أتى في هذا هو أن منظمة «بيو» أجرت عام 2011م مسحاً على أعداد من الناس حول العالم، وكان هدف الاستبيان سؤال واحد: هل تحب الولايات المتحدة؟ كان المقصد هو الدولة ككل وليس الحكومة تحديداً، وأتت اليابان في المركز الأول في ترتيب الدول التي تحب أمريكا، فقال 85% من اليابانيين أنهم يحبون أمريكا، وأتى بعدها كينيا بنسبة 83% ، وأما المركز الثالث فكان دولة لن تتوقعوها، وهي أمريكا نفسها! قال 79% من الأمريكان إن أمريكا تحوز على رضاهم!