على الرغم من أن أم عمر لم تبتعد عنه سوى سويعات قليلة - اقتنصتها لترتاح فيها - إلا أنه بات ليلته مريضا وباكيا، يجرح بصوته سكون الليل، ويوقظ النائمين.. استجاب والده لصياحه فغدا يناغيه، وأخذت أخته تلاعبه بدميتها؛ يرجون هدوءه؛ لكن ذلك لم يشفع لإسكاته؛ فالوجع أقوى من أن يتحمله جسده الصغير.. شيء مما يؤلمه يذهبه الدواء، وآخر لا طب له سوى حضن أمه؛ التي ما إن رمق وجهها الجميل، وهي ترنو إليه بعينيها الناعستين، وتهدهد قلبه بترانيم يحبها حتى أخذ صوته يخفت شيئا فشيئا ليدخل إلى عالم أحلام لا يملك مفتاحه سوى أم.