شددت دراسة على وجوب تطبيق أحكام الله التي جاءت في حق من يقدم على اغتصاب امرأة، وعدم التساهل في ذلك أو اختلاق الأعذار للمجرمين، وقطع الوسائل والطرق التي تؤدي للاغتصاب غالباً وذلك بالتزام المرأة بالحجاب الشرعي، والستر، والعفاف، فمما يحفظ الله به الرجل والمرأة الالتزام بأحكام دينه.
كما شددت الدراسة - التي أجراها الدكتور عقيل بن عبدالرحمن العقيل الأستاذ المشارك بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء - وحملت عنوان -: (أحكام اغتصاب المرأة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي - دراسة مقارنة)، على وجوب عدم التساهل في مسألة خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية منه سواء في المنزل أو غيره فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما والملاحظ: أن كثيراً من الناس في هذا الزمان أصبحوا يتساهلون في هذا الأمر، حتى أصبح السائق الأجنبي يعامل كأحد أفراد الأسرة ويقود السيارة - أحياناً - بالزوجة أو البنت وحده وليست معه زوجته، وقد يرى من المرأة أو البنت ما يجذبه إليها وما أكثر الحوادث والوقائع التي سجلت في هذا الشأن.
وطالب بأن تكون هناك متابعة من الأب والزوج لمن ولاه الله أمرهن من الزوجات والبنات، فيعرف إلى أين يذهبن ومع من يجتمعن وطبيعة عمل من تعمل منهن ومع من تعمل ونحو ذلك، ليحذرها من الخطر إن وجد، وأن نربي بناتنا على ثقافة المصارحة للآباء في حالة تعرضها لتهديد، أو وعيد, أو حالة ابتزاز من ذئب بشري مهما كان خطؤها، فعليها أن تصارح والدها أو والدتها بما حصل منها من خطأ إن كان، وما يحيط بها من خطر، أو تهديد أو مساومة، أو ابتزاز، فالأب بلا شك لن يعدم حلا يحميها بإذن الله، ويحوطها أن تقع في شراك المجرمين.
وتمنى الدكتور العقيل أن تكون هناك موسوعة علمية يقوم عليها مجموعة من المشايخ وطلاب العلم تتضمن بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالاغتصاب، وكيف تعامل الإسلام مع هذه الجريمة، وكيف سد الطرق الموصلة إليها، وكيف تعامل الإسلام مع هذه الجريمة، أولاً وأن تترجم هذه الموسوعة بجميع لغات العالم، ليعرف العالم أجمع أنه ليس في أحكام الله قسوة كما يصورها أعداء هذا الدين، بل يعرف الجميع أن الإسلام يغلق الطريق إلى الجريمة قبل وقوعها، ثم إذا وقعت يشرع عقوبة تستأصل دابرها.
وفي حديثه عن موضوع البحث والدراسة قال الدكتور العقيل: إن الاغتصاب بمفهومه العام يعد من الأمور التي تجرم عليها جميع التشريعات، والأنظمة والقوانين قديماً وحديثاً، لما فيه سلب للحريات وإهدار لكرامة الإنسان الذي شرفه الله - عزَّ وجل - وكرمه، ولاشك أن هذا باب واسع يصعب الإحاطة بجزئياته ولم شتاته في بحث قصير كهذا, ولذا فإني سأقتصر في بحثي هذا على الأحكام التي تتعلق باغتصاب المرأة وإكراهها على الزنا، مقارناً ذلك بما ذكره رجال القوانين الوضعية.
وسلط الباحث في دراسته الضوء على بيان مفهوم الاغتصاب في نظر فقهاء الشريعة، ورجال القانون، وأركان الاغتصاب في الشريعة والقانون، وشروط تحقق الاغتصاب في نظر فقهاء الشريعة ورجال القانون، والأمور التي يثبت بها الاغتصاب كما يراه الفقهاء والقانونيون، واغتصاب الانثى في الفقه الإسلامي، وفي القانون الوضعي، والعقوبة التي قررها الفقهاء، انطلاقاً من النصوص الشرعية لجريمة الاغتصاب، ومقارنة ذلك مع ما قرره أهل القانون، الآثار المرتبطة على الاغتصاب كما يراها الفقهاء والقانونيون، وإبراز محاسن هذا الدين، وما قرره من تشريعات فيها حياة الناس وسعادتهم يظهر هذا من خلال أوجه المقارنة بين ما قررته الشريعة وماحكاه أهل القانون بخصوص الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع، وفتح المجال أمام الباحثين ولمزيد من الدراسات حول موضوع الاغتصاب، ودراسة أسبابه، وآثاره، وسد الطرق الموصلة إليه.
أما النتائج التي توصل إليها الباحث من هذه الدراسة فتمثلت في أن الاغتصاب في اللغة العربية يعني أخذ الشيء ظلماً وعدواناً، وسواء كان المغتصب مالاً أو عرضاً، وأكثر ما يتبادر إلى الذهن استخدامه في المال المأخوذ قهراً وبغير وجه حق أي ظلماً، وإن المتأخرين من فقهاء الإسلام، لاسيما أتباع المذهب المالكي قد قصروه على اغتصاب الأنثى أو الذكر، أي الزنا واللواط، باعتبار أن أحدهما يقتضي الآخر، الرجل تارة والأنثى تارة، وليس ذلك بمستبعد، وإن جريمة الاغتصاب تعدل في الشريعة الإسلامية جريمة الزنا او اللواط، ويسري عليها جميع ما يسري على الزنا واللواط من أحكام، بل أشد وأغلظ، وأن رضا المرأة رضا صحيحاً بأن يتصل بها الرجل المحرم عليها جنسياً، لا يعد جريمة في نظر القانون الوضعي الا أن يكون على فراش الزوجية، وهذا خلاف ما عليه في الشريعة الإسلامية، فإن الرضا لايبيح الفعل فلا يمنع العقوبة.
وقال: إن جميع المجتمعات الإنسانية بكافة معتقداتها واتجاهاتها تتفق على رفض فعل اغتصاب الاناث، واعتباره جريمة معاقباً عليها، فالاغتصاب اعتداء صارخ على الحرية الشخصية للمجني عليها، وهو اعتداء مزدوج الآثار، بل متعددة، إن اغتصاب الأنثى محرم في جميع الديانات، وثبت تحريمه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة والمعقول، مشيراً إلى أنه في القانون الوضعي ليس كل جريمة جنسية تعد جريمة اغتصاب، إلا في حالة توافر شروط محددة حصرها شراح القانون في ثلاثة أمور: الفعل المادي وهو المواقعة غير الشرعية، الإكراه على المواقعة، القصد الجنائي، وهو انصراف الإرادة إلى ارتكاب الفعل مع علمه بأنه يواقع المجني عليها بدون رضاها.
وانتهى الدكتور عقيل العقيل إلى القول: إن الحكمة في عقوبة المغتصب: حفظ الحريات، وحفظ النسل، والأنساب، وصيانة العرض، ومنع أو الحد من انتشار الامراض الفتاكة المزمنة، وحفظ المجتمع من الفساد ورحمة بالولد وشفقة عليه، ثم فيه حفظ النفوس أيضاً، فقد يفضي الزنا إلى قتل الأنفس.