كان لمشاركات المملكة السابقة في قمم العشرين دور فاعل في اقتصاديات العالم مما جعلها تشارك في صنع القرار الاقتصادي العالمي، وليس تسديد فواتير الغير كما يدَّعي البعض، حيث سعت السعودية إلى زيادة نشاطها الاقتصادي بالاستثمار، والإنفاق الحكومي على المشاريع المحلية، مما ساعد على استقرار مركزها المالي وإنعاش وتعزيز الاقتصاد العالمي، من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية.
وتشارك المملكة قيادات قمة العشرين في المؤتمر القادم الذي سينعقد في مدينة (بريسبان في أستراليا)، وذلك في الفترة ما بين 15-16 نوفمبر 2014م، حيث تُعد هذه المشاركة فرصة غير عادية للمشاركة في صناعة القرار العالمي، والمساهمة في تعزيز استقرار الاقتصاد الدولي وتعزيز التنمية المستدامة في المملكة، وبخاصة في مجالات الاستثمار وتنمية المشروعات.
وتأتي اجتماعات قمة مجموعة العشرين، لمعالجة آثار الأزمات الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار المالي الدولي، والاهتمام بالأمن والاستقرار العالمي كبيئة أساسية للتطور الاقتصادي والاجتماعي، في ظل عالم يموج بالحروب الأهلية، والإرهاب، ودول تخالف قواعد القانون الدولي، وتدعم الإرهاب.
وأيضاً حل القضايا الأخرى المتعلقة بالطاقة، والبطالة والصحة والتنمية، والبيئة ومكافحة الفقر وتعزيز مبدأ الشفافية، ومحاربة الفساد، وزيادة النشاط الاقتصادي، وتخفيض العجز الحكومي لكل دولة، والتأكد من الاستدامة المالية، وأن الأوضاع الاقتصادية مستقرة، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي في الحدود الآمنة والمعقولة.
الانضباط السياسي، والحكمة والعقلانية للقيادة السعودية الحكيمة، يُشكل دوراً كبيراً وفاعلاً في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، إضافة للقوة الاقتصادية، وقوة التأثير المعنوي والاعتباري، كممثلة للعالمين العربي والإسلامي، والذي جعلت من السعودية دولة رئيسة في هذه القمة، وأصبحت المملكة المركز القيادي للاقتصاد العالمي.
هده المكانة العظيمة لبلادنا، والدور الفاعل من الممكن أن يسهم في تعزيز استفادة المملكة من تطورات الاقتصاد الدولي، وبخاصة في تحديث وتطوير البنى التحتية والاقتصادية، والإستراتيجية خصوصاً أن السعودية تُعتبر قوة اقتصادية ومالية قادرة، وتمتلك بيئة استثمارية تبحث عنها مختلف دول العالم، وتتنافس للحصول على فرص كبيرة فيها.
الاقتصاد السعودي يتوسع، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 1231 مليار ريال في عام 2005م إلى 1949 مليار ريال في عام 2008م، ثم انخفض إلى 1609 مليار ريال في عام 2009م، نتيجة للأزمة المالية العالمية، ثم شهد انتعاشاً سريعاً بلغ 2795 مليار ريال نهاية عام 2013م، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو ما هي الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة للسنوات الـ (30 القادمة).. ما هي ملامح التنفيذ لهذه الرؤى، والإستراتيجيات لبلدنا، وكيف تسهم هذه الإستراتيجيات في تعزيز عوامل التنمية، وتطورها؟
تأكيدات صندوق النقد الدولي بأن المملكة من أفضل الدول أداءً بين مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة، مبيناً أنها دعمت الاقتصاد العالمي من خلال دورها المساند لاستقرار أسواق النفط العالمية، والإشارة إلى إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد السعودي، الذي حقق نمواً بمعدل 3.8% في عام 2014م، والتأكيد على أهمية استمرار الإصلاحات في الفترة المقبلة، بهدف الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومعالجة التحديات.
وهنا نسأل، ماذا تكسب المملكة من هذا الحضور العالمي؟.. والجواب، هو كون المملكة العضو الوحيد عن منظمة أوبك، فإنها أيضاً تمثّل العالمين العربي والإسلامي، في قمة لها تأثيراتها فيما يتعلق بسياسات، وإجراءات الاقتصاد العالمي، كما أن وجود المملكة ليس هامشياً، بل إن المملكة كان لها مواقف واضحة حيال السياسات البنكية، والمالية، واستطاعت بالتوافق، والتشاور مع المشاركين إحداث تعديلات، وتغييرات في العديد من القرارات داخل قمة العشرين.
نتطلع دائماً لما هو إيجابي من مشاركة بلدنا في مجموعة العشرين، وأن تفرض هويتها على بعض القرارات الاقتصادية، وأن تستفيد من تجارب الدول المشاركة في القمة، فهده فرصة يستوجب اقتناصها بحكمة، وبرؤية إستراتيجية، بحيث يُشكّل لها فريقٌ متخصص لبحث أوجه التعاون الاقتصادي مع هذه الدول، وفقاً لحاجة بلادنا وخططها الإستراتيجية، وإعطاء الفرصة لمشاركة المؤهلين من أبناء الوطن من خبراء المال، والاقتصاد، والإعلام في اجتماعات مجموعة العشرين.