النظرة الأخيرة

تحتسي قهوة الحياة على شرفة الغرق، ترتسم على ملامحها أيام الجدب وقسوة الأرق، تسدل من بين أصابعها لعبتها القديمة تقلب خاتمها يمنة ويسرة، تخرجه مستعجبة لمعانه الذي أفل، وظهرها الذي احدودب وذبل في تلك الغرفة الموحشة وذلك الكرسي المتهالك.

عندما تشعر بالخوف تحدث ضجيجا على طريقتها لا تطمئن إلا عندما يلاعبها الكرسي وترتفع بالكاد الأرجل تتلمس خيط نظارتها المهترئ، تجده بعد معاناة تدور في رأسها رحى الأسئلة..

تتذكر وهي تقلب حبات لعبتها مع كل حبة لحظة تأمل واستغفار.

بعد أن شارفت على النسيان تذكرت صديقتها الوحيدة، لملمت بعضها متعبة بحثت يمنة هنا طول مشقة هناك متسائلة في وجوم: أين قارورتي؟!

تصرخ.. لا يسمع إلا صداها تتحرك ببطء تنزلق تحدث جلبة قوية تتقلب على ذراعيها فجأة وجدتها أخيرا، فرحة فتحت غطاءها تنظر بدهشة إلى حشرة سقطت تحاول الصعود، ثم تسقط.. تحبو حتى امتزجت أنفاسهما معا متقطعة ثم تعاود الهرولة إلى السقوط، مباراة من لاعبين وجمهور واحد هناك ضجيج ولكن لا يسمع.

تلتصق على كفيها معا مشجعة الحشرة يسيل لعابها وقد جف ريقه ساعدتها حتى شارفت على النجاة وضعتها على راحتيها التي مزقها الأنين.. وفي لحظة صمت كل شيء، سقطت من عينيها دمعتان، عبثا أن ترجع الحشرة إلى الحياة في محاولة يائسة أعادت حشرتها إلى القارورة.

رجتها بقوة في نظرة بائسة إليها استشاطت غضبا.. حملت قارورتها عاليا ثم أوسعتها ضربا تفتت مبعثرة في كل مكان.

أحدثت ولأول مرة ضجيج وصراخ بعد أن لطخت المكان بدمائها المسلوبة.

- علي السعلي