ثقافات بلا حدود هو عنوان الكتاب الجديد الصادر لمي الريحاني عن دار Authors› Publisher في الولايات المتحدة الأميركيّة. إنه قصّة امرأة لبنانية خاضت مواجهة قاسية لمفاهيم مسبقة كوّنها الغرب حول المرأة العربيّة. والكتاب قصّة فتاة لبنانية نشأت في لبنان خلال الفترة الذهبيّة من مطلع خمسينيّات القرن الماضي وحتى العام 1975. كان يُعتبر لبنان في تلك الفترة الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وكانت حريّة الصحافة تسمح بانتقاد رئيس الجمهوريّة وأي رئيس آخر من دون أن يتعرض الكاتب للملاحقة والسجن. يومها كان المسيحيون والمسلمون في لبنان يعيشون معًا بأمان وسلام لافتَين.
والكتّاب أيضًا قصّة اكتشاف القواسم المشتركة بين الثقافات والحضارات. عاشت المؤلّفة في فرنسا والولايات المتحدة الأميركيّة، وعملت في أكثر من أربعين بلدًا، واكتشفت أنّ القواسم المشتركة بين الحضارات هي أهم وأعمق من الاختلافات فيما بينها. وكلّما استوعب المرء تلك القواسم واعترف بها وأعطاها قيمتها ومكانتها تجده يكتسب تدريجيًّا صفة المواطن العالمي. يعالج الكتاب مسألة التواصل الحضاري بين العرب والأميركيين، أين يلتقيان وأين يفترقان. وتعتقد المؤلّفة أن الإقرار بقدرة استيعاب المفارقات بين الحضارات والثقافات يسهم بتبديد إمكانات الحروب، وبتعزيز فُرَص السلام.
وتتوقف المذكرات عند أهمية تعليم المرأة من حيث تحوّلها إلى قوّة اجتماعيّة ضاغطة وحجر الأساس لكلّ مشروع يهدف إلى تعزيز حقوق المرأة ودورها الفاعل في بناء المجتمعات وتقدّمها. والكتاب غني بالاستشهادات التي تختارها المؤلفة من تجاربها الخاصة في أفغانستان وباكستان واليمن والمغرب ومالي ومالاوي والكونغو، حيث عملت الكاتبة في مشاريع تعليم المرأة وحيث ساهمت تلك المشاريع في التحوّلات الاجتماعية المرجوّة.
يأتي هذا الكتاب في الوقت الذي بدأت فيه دول إفريقية كنيجيريا وسواها بتعزيز مشاريع تعليم المرأة، وتمّ الالتزام بمثل هذه المشاريع في كلّ من أفغانستان، باكستان واليمن في السنوات الأخيرة. والكتاب، بهذا المعنى، هو مذكرات خاصة من خلال تجارب وخبرات تحمل طابعًا دوليًّا وبناء علاقات إيجابيّة بنّأة بين الدُوَل والشعوب.