زوجة شايع (كعيب الضبي) ذات جمال بارع، وكان كثيراً ما يوصي زوجته بحفظ الفرس ولكثرة وصاياه قالت: عسى ما هي الحذرة!!
وهي بهذا تسخر من فرسه إذ تقيسها بفرس ابن عريعر المعروف بالحذرة، وهي فرس أصيل مشهورة بالجري، وإذا أحست بغريب صوتت وحفرت الأرض بيديها.
فغضب شايع وأقسم أن لا ينام عندها حتى يحضر فرس ابن عريعر.
إلا أن ابن عريعر نذر به وأمر جلساءه بأن يتفقد كل واحد جليسه حتى وقعوا على شايع ووضعوا قيد الحديد في رجله وأبدوا سجنه إلا بأربعين ناقة فداء له، فأرسل شايع إلى جماعته يخبرهم بذلك فأبوا ظناً منهم أن ابن عريعر يمن عليه بلا فداء، إلا أن ابن عريعر قرر مضاعفة الفداء كل سنة وزيادة خمس نياق. يفرضها شايع لهم.
وبعد مرور أربع سنوات أبى شايع أن يدفع شيئاً مطلقاً فلما سئل عن السبب قال: كنت أنوي الفداء لأدرك ولداً لي عمره أربع سنوات لأمازحه وأنا مشتاق إليه بدافع حب الطفولة، أما الآن فقد كبر ولا أريد أن أفدي عن نفسي وأنا رجل كبير السن.
وبعد تمام تسع سنوات جاء الصبي متسللاً على مطيته فعقلها بعيداً ودخل بين الرعاة فخلا بأبيه وهلت دموعه عليه، فرمز له الأب بكلمتين خفيفتين ففهم الابن الوصية، وهي الإيصاء باختطاف ولد صغير لابن عريعر.
كان الولد في خيمة عند مربية فإذا اشتاق له والده أرسل أي رجل من جلسائه أحضره حتى كان ذلك عادة مستمرة.
وكان لا يعيد الصبي إلا بعد انفضاض المجلس قبيل حلول النوم. وذات ليلة دخل ابن شايع خيمة المربية وأخذ الصبي كأنه مرسل من ابن عريعر ثم هرب به.
ولما طلب ابن عريعر الصبي قالت له المربية إنه عندك من البارحة.
فهبوا يتصايحون بحثاً عنه وبعد مرور ثلاثة أيام من الحزن قال شايع لا تحزنوا إن ولدكم عند ولدي، ووصف المحل لهم فلما وفدوا على ولد شايع طلب منهم مطالب صعبة فداء لولدهم منها إبل ابن عريعر وفرسه وحلي والدته، وأن يقدم شايع على فرس تمشي على الزل حتى تصل إلى بلاده.
فسهل كل ذلك على ابن عريعر ما عدا الزل فقال شايع: الحل بسيط. اجعل على مواطئ الفرس قطعاً من الزل مربوطة بالحذاء.
وبهذا عاد شايع إلى أهله وعاد الصبي إلى والده ابن عريعر.