حفلت الأيام الماضية بأحداث مؤلمة ومؤسفة وقعت لبعض مبتعثي المملكة في الولايات المتحدة وأستراليا. ومثل هذه الحوادث يمكن أن تقع في المملكة وفي أي مكان من العالم، ويمكن أن تحدث لسعوديين وغير سعوديين.
ففي مدننا وقرانا السعودية تقع حوادث القتل والسرقة والاغتصاب وكل أنواع الجرائم لأننا بشر مثل بقية البشر في هذه الدنيا.
ولذلك يجب ألا يتم تضخيم الأمور وربط ما وقع لطلابنا المبتعثين في الخارج بفكرة الابتعاث نفسها، فالابتعاث يظل واحداً من أهم المبادرات التنموية التي انطلقت في بلادنا لتربطنا مع مراكز الابتكار والعلوم والبحوث في العالم من خلال دراسة أبنائنا وبناتنا في ألمع جامعات العالم المتقدم لكي يعودوا إلى الوطن محملين بما تعلموه واقتبسوه ولكي يسهموا في مسيرة التنمية الوطنية.
لكن ما يجب التنبه له والاهتمام به هو ضرورة توعية الطلاب والطالبات بالمخاطر التي قد يتعرضون لها في بيئات تختلف عن بيئة المملكة.
هناك بعض المسلمات الاجتماعية التي نحملها معنا عندما نسافر إلى دول العالم كبعض العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية التي انغرست في أعماقنا والتي قد لا تكون ملائمة على الإطلاق في بعض البيئات الأخرى.
فنحن قد نثق بمن لا يستحق الثقة، وقد نتصرف ببراءة فلا نحمي أنفسنا من طائلة القانون لمجرد اعتقادنا بأننا على حق.
بل إن بعضنا قد يرتكب مخالفات ويظن أنه يستطيع أن يخرج منها ببساطة شديدة لمجرد القدرة على دفع المال أو غير ذلك من الأمور التي تعودنا اللجوء إليها في بلدنا كالواسطة والشفاعات للقفز فوق القانون والنظام.
ومن المؤكد أنه مهما كانت جهود التوعية لا يمكن منع وقوع جميع الحوادث المؤسفة، لكن برامج التوعية التي يتم إعدادها بحيث تتناسب مع بيئات محددة يذهب إليها المبتعثون والمبتعثات يمكن أن تقلل إلى حد كبير من وقوع الحوادث.
هذا يدفعنا إلى المطالبة بإعادة النظر في برامج التوعية الحالية، وبمراجعة الأدوار التي تقوم بها الملحقيات والسفارات السعودية في بلدان الابتعاث.
ولابد أن يكون معدو هذه البرامج هم ممن عاشوا تجربة الابتعاث في البلدان التي ستنفذ فيها تلك البرامج، وأن يكون العاملون في الملحقيات والسفارات على وعي كامل بنوعية المخاطر التي تكتنف المبتعثين فلا يجدون أنفسهم أمام حالات متكررة من الحوادث التي تقع للمبتعثين وكان بالإمكان تفاديها.