خدمات «النقل المدرسي» أو الطلابي تنتظرها الكثير من خطط التطوير، والبحث عن حلول مثمرة، والسعي إلى بناء منظومات عمل فني وإداري مكتمل، تشترك فيه الكثير من الجهات، وتتضافر فيه الجهود على نحو وزارات التربية، والتعليم العالي، والنقل، والعمل، والمالية، لكي تصبح المهمة متكاملة الأطراف، ومحققة لمعايير السلامة والتميز في مهام النقل المدرسي والجامعي على مستوى الجهات والأفراد المشاركين في هذه المهمة الشاقة والحيوية التي تسهم في مسيرة التعليم في بلادنا.
فالدراسات والبحوث التي قدمت حول النقل المدرسي، أو الجامعي تشير بوضوح إلى أنه لا يزال يفتقر إلى العنصر البشري المعد لهذه المهنة أو المهمة، فهي كما يقال: «على التساهيل».. فبأدنى القدرات ولأي شخص أن يتصدى لمهمة «سائق حافلة مدرسية»، كما أن وسائل هذا النقل قد لا تحقق معيار الجودة، لتهالك بعضها وقلة صيانتها، فهي كثيرة الأعطال، وغالباً ما تسهم في إرباك حركة السير والمرور في المدن وعلى أطرافها.
طلاب المراحل التعليمية الأولى من البنين والبنات على الرغم من صغر سنهم فإن ظروف نقلهم من المنازل إلى المدارس تتشابه مع أي نقل آخر تشاهده في الشارع أو على الطرق، فلا يتميزون في حافلاتهم عن وسائل نقل عمال الشركات والمؤسسات والمقاولات إلا بلون الحافلة فقط!! أي أنه لا يوجد معيار مميز يوضع لفئات النقل المدرسي، مثلما يعمل به في الدول الأخرى التي ترعى صغار السن، وتهتم بهم، وتميزهم عن غيرهم في الكثير من أمور الحياة، ومن بينها وسائل النقل.
فهناك مستويين لابد للنقل المدرسي أو الجامعي أن يتفاعل معهما ليحقق الجودة المطلوبة، فالأول أن هناك منهم صغار في السن ويحتاجون إلى عناية أكبر، ورعاية خاصة في نقلهم بين المدرسة والمنزل، وهناك مستوى ثاني يتمثل في الطالبات اللائي لا يجدن غير هذه الوسيلة للوصول إلى مدارسهن، أو جامعاتهن، فمن باب أولى أن يتم العمل على تقديم خدمة نقل متميز، تحد من اجتهادات بعض مشغلي هذه الخدمة وخطوط النقل.
كما أن النقل الجامعي يقع عليه العبء الأكبر باعتبار طالبات الجامعات على وجه التحديد يحتجن إلى مثل هذه الخدمة، وقد يكون هناك معاناة تمتد على مدى ساعات ربما تبدأ من آخر الليل إلى ما بعد وقت العصر، مما يؤكد أن المعاناة ليست في التحصيل العلمي لديهن، بل إن الوسيلة للوصول إلى الكليات والجامعات تكتنفها بعض المشاكل والصعوبات، لغياب التنظيم، وتركها للعلاقات والمداولات والمقاولات والسعي إلى تقديم الخدمة بأي وسيلة، أو الذهاب إلى حلول نقل أخرى تكون عالية الكلفة لا سيما في وسائل النقل المتخصص.
ولا بد أن نعترف بأن الكثير من المركبات والحافلات التي تستخدم للنقل المدرسي أو الجامعي لا تزال تعاني من رداءة النوعية، وقلة الصيانة، وغياب التنظيم، إضافة إلى أن أغلب من يقود هذه الحافلات يعانون كثيراً من الإهمال والتهميش، أو أن هناك من يمتهن هذه المهنة وهو غير مؤهل لها، أو لا يمكن أن يقدم شيئاً لا سيما حينما يكون متقاعداً من هذه المهنة، ومتعباً في الأصل منها.
فالقطاعات الخدمية للنقل المدرسي والجامعي بحاجة إلى مزيد من التنسيق والعناية في هذا المجال، على نحو حل المشاكل التي قد تنشأ في منظومات هذا العمل، على الطرق، بين المدن والقرى التي تقل الطلاب والطالبات، لا سيما حينما تحل مواسم الأمطار والسيول، فتتعرض بعض الطرق إلى التلف جراء السيول، أو العواصف والأتربة.