من عرف وزير الداخلية عن قرب عرف أن ولي الأمر جعله غاية للناس في الحج تنتهي إليه كمالاتهم بأسرها.
عرفته في جازان وعرفته في الرياض يحب التوكل على الله مع ميله الشديد إلى الحذر والحيطة.
بلوت جمهور الناس فلم أجد أحداً إلا والممدوح فوقه بالسيادة والقيادة وهو ممدوح بإجماع أهل الحل والعقد.
يَقوُمُ مَقامَ الجَيْش تقْطيبُ وَجْهِهِ
وَيَسْتَغِرقُ الألْفَاظَ مِنْ لَفْظِهِ حَرْفُ
جَوَادٌ سَمَتْ في الخير والشَّرِّ كَفُهُ
سُمُوَّاً أوَدَّ الدَّهرَ أنَّ اسْمَهُ كَفُّ
وأضْحَى وَبَيْنَ الناسِ في كلِّ سَيِّدٍ
من الناسِ إلاَّ في سَيَادَتِهِ خَلْفُ
وَلَمْ نَرَ شيئاً يَحْملُ العْبْء حَمْلِهُ
وَيَسْتَصْغِرُ الدنيا وَيَحْمِلُهُ طِرْفُ
محمد بن نايف. وقد انتهى الحج على خير لا أقصد أن شيئاً متوقعاً سوف يحدث لعدة أمور منها:
الأول
أن أمن مكة والمدينة محفوظ بحفظ الله بنص القرآن والسنة.
الثاني
ان أمن ما هو داخل في مشمول هذه الولاية القائمة على أمن الحرمين الشريفين هو الآخر محفوظ بحفظ الله وإن تباعدت أطرافها لتبعيتها لأمن الحرمين، ولهذا ففي كل مرة سوف تسلم الجرة بأمر الله، وليحذر الذين يخالفون أمره أن تصيبهم قارعة أو يصيبهم عذاب أليم، فالله لن يخلف وعده، وقد وعد بحفظ هذه البلاد وأهلها وولاتها.
الثالث
إن القائم على حفظ الأمن وإن كان في جنوب البلاد أو شمالها أو شرقها أو غربها يدخل تبعاً في أجر القائم المباشر على أمن الحرمين وهذا في حد ذاته مفخرة لكل رجل أمن علت درجته أم نزلت.
الرابع
إن مسؤولية الأمن لا تقع على وزير الداخلية فحسب، فمسؤولية الأمن في الحج وغيره فرض عين على كل مسلم ومسلمة مشارك في الحج أو غير مشارك. فوزير الداخلية ضمن أمة مكلّفة من الله ثم من ولي الأمر بالمحافظة على أمن الحرمين وما يتبعهما مما هو داخل في مشمول الولاية الشرعية القائمة.
الخامس
سمعت كغيري أن الذين دخلوا بدون تصاريح ودخلوهم يدور بين ثلاثة أمور:
أ- مخالفة أمر ولي الأمر: ومن خالف أمر ولي الأمر فقد خالف أمر الله ما لم يأمر بمعصية مجمع على تحريمها ويترتب على ذلك نقص الثواب، وجواز مصادرة المركبة.
ب - أن رجل الأمن القائم على نقاط الدخول إلى مكة لا يخلو: إما أن يأذن من تلقاء نفسه وهو بهذا قد ارتكب محذوراً ويتعيّن عليه عدم العودة لمثل ذلك والتوبة، وعلى الجهة المختصة محاسبته بما يناسب مخالفته، وإن كان الإذن بتوجيه مباشر من رئيسه المباشر تعيَّن عليه البلاغ حسب قدرته ولا يجوز له أن يسكت على ذلك لأن الساكت عن الحق لا تجوز توليته ما لم يترتب على بلاغه مفسدة، وهذا الحكم وإن كان حج المخالف فريضة.
السادس
لا يجوز لأصحاب الحملات تأجير حافلاتهم للآخرين إلا بإذن من الجهة المختصة، ومن حمل من لا يحمل تصريحاً، أو أجر حافلته بتصريحها لمن لا يحمل تصريحاً فالأجرة لا تجوز ويجب مصادرة الحافلة وشطب تصريحها ومنع صاحبها مستقبلاً من مزاولة الإركاب للحج.
السابع
لا يجوز بيع تصاريح الحج فاستعمال المثمن وكذلك الثمن حرام ويجب معاقبة البائع والمشتري معاً.
الثامن
أرى أن تجعل نقاط تفتيش على مداخل المواقيت في اليوم الخامس من ذي الحجة إلى نهاية يوم عرفة وليلة العاشر للتأكد ممن لا يحمل تصريحاً، وأن تشارك مكافحة الفساد بمندوب منها في نقاط التفتيش فتمكين المخالف من الدخول فساد.
التاسع
الذين يتجاوزون المواقيت بنية الإحرام وعليهم المخيط، أو يرتدون المخيط على الإحرام فهؤلاء تعمدوا المخالفة ولا تجزئ عنهم الكفّارة من دم أو غيره، وعليهم التوبة فقط وعدم العودة لمثله، فالعمد في المخالفة يبطل المسنون فكيف بالواجب.
العاشر
بعض الدوائر التي تأخذ تصاريح لمنسوبيها للمشاركة في الحج يصحبهم نساؤهم وأقرباؤهم، وليس هذا من الالتزام بالأوامر، والله أمرنا بطاعة ولي الأمر كما أنه لا يجوز صرف الإعاشة ولا الإركاب ولا السكن من متبرع أو من جهة حكومية على من لا يحمل تصريحاً، أو مأذونا له عيناً من وزير الداخلية أو ممن ينيبه، وعلى المسلم أن يجعل حجه مبروراً خالياً من المخالفات.
الحادي عشر
من جعل الله بين عينيه واتقاه في عمله وقوله جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ومن التقوى في العمل والقول اتباع ما جاء عن الله وعن رسوله وما أمر به ولي الأمر ما لم يأمر بمعصية بواح مجمع على تحريمها.
الثاني عشر
نحن أمة متعبدون بالأوامر والنواهي وليس لنا الخيرة فيما نحب ونكره حتى لا نجوع ولا نعرى ولا نشقى، ولا نظمأ فيها ولا نضحى ومن ذلك وجوب تطبيق التعليمات وعدم استثناء من لا تدعو الحاجة إلى استثنائه. ومحاسبة المخالف عمد فالتساهل مع المخالف ينتج عنه تعمد المخالفة وتكرارها فالنار من مستصغر الشرر.
محمد بن نايف:
أنت تعلم أن جدك لأبيك:
أَرَاعَ كَذَا كُلَّ المُلوُكِ هُمَامُ
وَسَحَّ لَهُ رُسْلَ المُلُوكِ غَمَامُ
وَدَانَتْ لهُ الدُّنْيَا فَأصْبَحَ جَالساً
وَأيَّامُهَا فِيمَا يُرِيدُ قِيَامُ
وأن أباك:
هُمَامٌ إذَا مَا هَمَّ أَمْضَى هُمُومَهُ
بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فِيهِ ثِقيْلُ
اللهم ارزقنا جميعاً الصدق في القول والعمل.