تعرفت إلى جازان قبل أن أزورها من خلال مبدعيها من كل الأطياف الفكرية والأدبية والعلمية سواء بحضورهم على خارطة المشهد المحلي والعالمي أو من خلال برامجي التي تشرفت فيها باستضافة عدد منهم كانوا إضافة حقيقية للبرنامج ولي شخصيا.
كذلك كانت جامعة جازان مرآة للمنطقة من خلال فعاليات ثقافية وعلمية شارك بها طلابها ومبتعثوها عالميا، ولن أغفل أن أذكر هنا الدور الذي أدته الفرقة الفلكلورية التي شاركت في عدد من الفعاليات في مناسبات عديدة من الرقصات الشعبية للمنطقة وقد أتحفت بها الحاضرين وجعلت من المكان الذي حضرت به ذاكرة راسخة لمن مروا به من فنانين قدموا لوحات ورقصات غاية في الإبداع تحكي حكاية المكان الذي أتوا به والإنسان.
تلك هي جازان التي طوقني أهلها الطيبون بالفل والمحبة حين لبيت دعوة جامعتها وناديها الأدبي سواء للمشاركة بالاحتفال باليوم الوطني أو لتلبية أمسية شعرية إعلامية وقد كان حضوري في المكان جسرا لسعادة لا توصف وأنا أنتقل من رسمة في المخيلة إلى رؤيته واقعا معاشا.
جازان التي تتكئ على البحر الأحمر فتنعشك أنفاسه وأنت تسير برفقة الموج على الشاطئ الممتد والمتأهب لرفقة الغريب، جازان التي تتنوع تضاريسها بين بحر وجبل وسهل، وتتنوع ذاكرة الإبداع فيلوح لك مبدعوها سواء من ساكنيها والذين لم يتركوها، أو أولئك الذين ذهبت بهم سبل الحياة للعاصمة أو في الجامعات الممتدة على خارطة هذا الوطن الممتد من شرق القلب إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، جازان الرابضة على خطوط النار يحميها الله ويكللها بالأمن والأمان.
زهرة الجنوب وحدائق الفل وبساتين الشعر هي جازان، المدينة الاقتصادية وحلم المليك الذي تجلى في واقعها عبر منشآتها ومرافقها ومشاريعها التي كتب الله لها النجاح، لأنها لبت إرادة الإنسان فيها الذي يبذل من الجهد ما تكافئه الحياة عليه، والمرأة في جازان جزء من التنمية، المرأة الأكاديمية أو المثقفة أو العاملة او تلك التي تشتغل في أعمال تراثية وحرف كي لا ينسى تاريخ المنطقة العريق الضارب في أعماق الماضي.
لجازان أميرها الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة ويعمل من أجل المدينة الاقتصادية وأمل أهلها المثابرين لتقديم منطقتهم بما يليق بها، لجازان رب يحميها في حين تئن جارتها اليمن وتتصارعها الخلافات وردة الجماعات التي اختلفت بعد وفاق كان يمكنه أن يجتب المنطقة الويلات.
ألوح بكف القلب لطالبات كلية الآداب واللغات الإنسانية وكلية الإعلام، للمبدعات اللاتي عزفن بأحرفهن أنشودة الوطن، للدكتورة الشاعرة ليلى الشبيلي، للإعلاميات المجدات وتادي جازان الأدبي الثقافي واللجنة النسائية والإعلاميات اللاتي يخطين خطوات سريعة في الفضاء الإعلامي مشاركات في تطريز المشهد بأحرف زاهية وفكر واع، تحية لفرسان التي وعدت أن أزورها في مغامرة البر والبحر، لفيفاء الشامخة وكل المناطق التي لا يتسع المجال بالإشارة إليها.
من آخر البحر للدكتور مهدي الحكمي:
جازان
كانت على موعد أن اللقاء هنا
فجئتَها تذرع الأميال والمدنا
حتى استقر بك المأوى فهل رمقت
عيناك أجمل منها للورى سكنا
تسبيك منها ربىً خُضرٌ وأفئدة
بيض وزرقة بحر هيّجت سفنا
ما بين شبر وشبر من مساحتها
طبيعة تستفز العين والأذنا
على ثراها مشى العشاق فافتتنوا
وأي عاشق حسن قط ما افتتنا
جازان أي قوافي الشعر يسعفني
إذا تهجيتُ فيها المشهد الحسنا