أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي آفاقا كبيرة للتعبير عن الرأي، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن تناقضات كبيرة يعاني منها المجتمع..
أكثر ما لفت نظري في هذا السياق حملات المقاطعة التي انتشرت عبر تويتر التي تركز بالأساس على المنتجات الوطنية وتقيمها حرباً ضد منتج وطني إذا ارتفع سعره عدة هللات، وهؤلاء أنفسهم لا يلتفتون للمنتجات الأجنبية المستوردة التي يرتفع سعرها عاماً بعد الآخر.
الغريب أن أغلب من يقودون هذه الحملات هم عبارة عن حسابات مدفوعة على تويتر من قبل شركات قد يكون دافعها محاربة المنتجات الوطنية التي تدعم بالأساس الاقتصاد الوطني وتقوي من دعائمه وتقلل اعتماد المجتمع على الشركات الأجنبية.
فقد هالني حملات المقاطعة ضد الشركات الوطنية لمجرد رفع سعر منتج ربع ريال أو نصف ريال، في وقت ارتفعت فيه أسعار المشروبات الغازية للشركات العالمية بنسبة 50% ولم يحرك أحد ساكناً، كما ترتفع فيه أسعار السيارات بنسب خيالية وأيضاً لا يتحرك أحد.
أنا لا ألوم هنا هؤلاء المدفوعين فلديهم مبرراتهم التي تحقق مصالحهم الشخصية، لكن من ألومهم فعلاً هم من ينقادون وراء هؤلاء فيجعلونهم يدفعون بكل رضا للشركات الأجنبية آلاف الريالات سنوياً من أجل جوال أو سيارة، ويستكثرون بضع هللات في منتج محلي يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للوطن.
دعم الدولة للشركات الوطنية يستخدمه البعض مبرراً للهجوم على المنتج الوطني، هذا الدعم هدفه بالأساس المحافظة على وجود المنتج الوطني ودعم قدرته التنافسية أمام المنتج الأجنبي وزيادة الاستثمار المحلي. ولو رفع هذا الدعم تماماً لارتفعت الأسعار بشكل كبير لتعادل مثيلاتها المستوردة وهو ما قد لا يستطيع المستهلك تحمله.
اللافت أن هؤلاء هم أنفسهم من يطالبون الشركات بزيادة الرواتب - وهذا حقهم - في الوقت الذي ينكرون فيه على شركة وطنية أن ترفع سعر منتج عدة هللات لمعادلة الجدوى الاقتصادية لاستثمارها في هذه الصناعة - وهذا حقها - لأن تكلفة العنصر البشري أساس في زيادة التكلفة الاستثمارية للصناعات المختلفة! فثبات الأسعار حتماً يؤدي إلى ثبات الدخول ولا يمكن أن نطالب بزيادة الأخيرة وثبات الأولى!
لماذا تستهدف هذه الحملات فقط البديل الوطني لمنتج أجنبي؟.
سؤال يراودني كثيراً ولعلك قارئي العزيز تكون قد عرفت الإجابة.