سمعت صوت هاتفي يرن في ساعة متأخرة من الليل في (الويكند)، حيث الحياة متوهجة ومازالت بعد روتين أسبوع من العمل والالتزامات كما هي عادة مجتمعاتنا يعشقون المساءات.
صوت مُنهك حزين لمن لم تكن من المغرمين بالسهر، سألتها مباشرة (إيش مسهرك سارة) وأخذت تجهش ببكاء متقطع شعرت فيه بحرقة، كررت السؤال (أهلك فيهم شي؟) وتمتمت بحروف علمت أنهم بخير فسألتها (نواف فيه شي؟) وساد صمت طويل قطعته بتجديد السؤال، فكانت الإجابة صاعقة بتلك اللحظة: (نواف تزوج) كيف وليه ومتى وإيش اللي صار ووين الحب؟؟
أسئلة تتابعت مني بطريقة أكثر ما يُقال عنها غبية ولكنها صدمة الخبر، فقد كانت قصة حب من أروع ما يكون صمدت طويلاً وتكللت بحفلة زواج من أروع الحفلات عاشا قصة حب جميلة.
حتى الآن لم أعرف سبب زواج نواف على سارة، حيث أخذت تتكلم كيف أنه أخبرها عن قراره المفاجئ، وبفضول النساء قاطعتها ولم أنتظر بادرتها بالسؤال لماذا تزوج نواف؟ وكانت الإجابة تزوج لأنه لا ينجب أطفالاً ويريد أن يفكني من هذا الارتباط لأتزوج وأنجب. ولأنه يحب سارة ويريد أن يكون لها أولاد تعيش الحياة بهم فضّل أن يخلصها من ارتباطها به؟!
سألتها وكيف يظلم بنت الناس معه وهو لا ينجب فردت بغضب نواف طلب من أهله أن يبحثوا له عن امرأة لا تنجب.
وظلت تتذكر معي قصة الحب التي جمعت بينهما والمفارقات التي حصلت والغربة والدراسة وتفاصيل صغيرة تنطق بالحب والعشق بينهما، وعدت وبادرتها بالسؤال كيف تجرأ وأخبرك عن قراره؟
وأخذت تسرد علي ما حصل معها، فقد أرسل لها باقة ورد للمنزل من مكتبه كتب عبارة (ستظل سارة فقط في قلبي)، وفي المساء أخذها لعشاء فاخر قدم لها هدية خاتم ألماس حفر اسمه واسمها عليه وهمس لها ستظلين الطفلة التي أحمل لها الحب في قلبي.. لم تنتبه أبداً لكلمة (ستظلين) التي كررها في مناسبتين لأنها اعتادت منه عذب الكلام، وأخبرها أن غداً عنده انتداب يومين لمنطقه مجاورة، كانت سهرة من أجمل السهرات معه كما وصفتها، وفي الصباح ودعها وأوصلها لمنزل أهلها، كان خلال هاليومين كل صباح يرسل لها رسالة يصبح عليها وفي المساء بالمثل كان معها بكل لحظاته.
عاد من رحلته وبنفس اليوم دعاها لاحد الفنادق الفخمة وعمل تجهيزات لحضورها لا تخطر على بال، وكانا يتكلمان بصوت الشوق وأخذ ينظر إليها ويطيل النظر وفي عينيه تقف دمعة، سألته ما بك وأمسك بيدها بقوة وهو يقول: سارة أنا تزوجت بأخرى، سحبت يدها بقوة وحاولت الخروج من غرفة الفندق، لكنه أمسك بها فخارت قواهما هي تبكي بقوة وهو لا يعلم ماذا يفعل، كل ما حولهما صامت إلا من أنفاسها التي أرهقها البكاء وأنفاسه التي آلمه بكاؤها،
جسدان بقلب واحد كيف لهما أن يشاركهما آخر؟ سؤالها أيقظني من حالة لا أجد كلمة تجسد وضعي حينها وهي تحدثني وتبكي.
وأخبرتها والحزن يعتصرني لألم صديقتي لتعلمي عزيزتي أن زوجك قمة الإنسانية في قراره في موقفه في تفاصيله معك في حبه الذي جسده بأروع معاملة.
وأن هناك زوجات كُسرت خواطرهن بالزواج من أخرى دون مراعاة لأي شيء ربط بينهما، بل البعض أجرم بقراره وأدخلها عليها وشاركتها حتى الأنفاس تحت تعسف وقهر يومي، والبعض جنى على زوجته وأبنائه إرضاء للزوجة الأخرى بتفاصيل تُدمي القلوب، فلو تكلمت معك عزيزتي سارة عن الألم الذي يعتصر قلوبهن لما انتهينا، هي بيوت تغص بالقصص لبعض من الرجال لم يعوا معنى الشرع في تحليل الزواج من أخرى، بل حفظوا أول الآية الكريمة وتناسوا آخرها {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فإن خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} (3) سورة النساء.