كان الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - يهتمون ويحرصون أيما حرص على قراءة القرآن الكريم، ويتدارسونه بينهم. ومن السلف - رحمهم الله ورحمنا - من يتفرغ لكتاب الله تعالى في أوقات كثيرة.. لا يكُنْ الواحد منا لا يقرأ كتاب الله تعالى إلا قليلاً، ويهجر القرآن الكريم، ولا يعد إليه إلا في عام أو شهر قادم، أو نادراً ما يعود إليه..!!! لنقرأ القرآن الكريم ونتدبره، ونتمسك بتعاليمه العظيمة دائماً وأبداً كما قال الله سبحانه وتعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}. وأقفال القلوب كثيرة، منها: الإعراض عن العلم النافع وطول الغفلة، الكِبْر عن الحق وعلى الخلق، الإصرار على الذنوب وإطلاق جوارح الرأس فيما حرم الله..
وهناك علامات تدل على أن مغاليق القلب قد فتحت، وانشرحت للهداية، منها: الإقبال على الله، ولاسيما في مواسم الخير، المواصلة على الطاعات بعد انقضاء تلك المواسم، الشعور بحلاوة الإيمان عند ذكر الله وتلاوة كتابه، الخوف من الله عند فعل المعصية، رجاؤه بعد فعل الطاعة، التلذذ بالخلوة بالله في قيام الليل ومناجاته وسلامة الصدر من الشحناء والبغضاء..
لهذا يجب علينا جميعاً التمسك بهذا الكتاب الكريم، وتدبر معانيه، الذي هو كلام الله - عز وجل - وهو أصدق كلام وأعظم كتاب، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من عزيز حكيم، وهو الشفاء لما في الصدور، والطريق المستقيم.. جعلنا الله جميعاً وذرياتنا من حفظة كتابه الجليل. قال عز من قائل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِي أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي يرويه الصحابي الجيل عثمان بن عفان رضي الله عنه «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». والمعروف أن من أساسيات ومقومات وقواعد حفظ القرآن الكريم إخلاص النية لله - عز وجل - وإصلاح القصد، واتباع سنة وهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله تعالى والفوز بجنته والحصول على مرضاته، وكذلك المتابعة الدائمة المستمرة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها» متفق عليه. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره, وإذا لم يقرأه نسيه» رواه مسلم. كما أن علينا تربية أبنائنا الناشئة على أخلاق القرآن الكريم. وقد سُئلت عائشة - رضي الله عنها - عن خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «كان خلقه القرآن».
إن حافظ القرآن يشفع في أهله يوم القيامة، ويلبس تاج الوقار.. جعلنا الله منهم. اللهم آمين.
وإن من آداب تلاوة القرآن الكريم وسماعه:
أن يخلص القارئ لله تعالى في كل عمل يعمله، أن يقرأ بفهم وتدبر وقلب حاضر غير غافل، أن يتطهر ويستاك قبل القراءة، ألا يقرأ القرآن في الأماكن المستقذرة كدورات المياه، ألا يقرأ شيئاً من القرآن وهو على جنب، أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند بدء القراءة، أن يقرأ البسملة في بداية كل سورة ما عدا سورة التوبة، أن يحسن صوته بالقرآن ما استطاع، أن يقرأ بحزن وخشوع وبكاء، أن يسجد كلما مر بآية فيها سجدة، أن يمسك عن القراءة عند خروج الريح وعند التثاؤب وعند غلبة النعاس، أن يقرأ القرآن بترتيل مع الالتزام بأحكام التجويد، أن يقرأه بنية العمل به وأن يتصور أن الله تعالى يخاطبه بهذا الكلام.
ويُستحب للقارئ إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من النار ويسأله العافية.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.