كم من منتظرٍ مازال على قارعة الطريق؟ وذلك الذي وصل إلى حيث لا يريد ود لو أن القطار أخطأ وأوصله إلى حيث أراد, ولربما لو وصل إلى موقعه الصحيح لما أراده.
كم من لوحة تهشمت, وانتثرت شظاياها بعد أن اكتست بأجمل الألوان التي مازالت لم تجف, لكن لم يأن لها أن تكتمل بعد. كم من منظر في هذه الحياة شوهته ظروف الزمن القاسية, لكن على أية حال اكتملت اللوحة بلون أسود وانتهى المنظر مبهم المعنى. كم من منظر خلاب بلا إطار, مجهول المصير, دائم الفرار, يود الانتصار على ظروف أصرت التشويه باستمرار ومازالت تصر, بلا توقف, بلا اعتذار. وكم من منظر مكسور الإطار, بلا قرار, أتكتمل اللوحة؟ أم تبوء بالفشل الذريع وتخور القوى أمام الأيدي الشديدة البطش, لترمي به بعيداً ليتهشم ما بقي من إطار ثم يطفو عائماً على سطح ذلك النهر الجاري الذي يأبى الانتظار. وكم من صابر نال ما تمنى بعد ويلات الصبر الطويلة, وتأطرت حياته بإطار حلاوة ثمار الصبر الطيبة المذاق. وكم من صابر مازال يرجو رب الصبر منحات جميلة, ترسم له حياةً أجمل مما تمنى بلا حيرة وبلا اختيار. وكم من صابر مل الصبر, وأودى به الجزع بوادي يسمى (عدم الاحتمال والجزع من جهل المآل)
فلا بد لنا تجاه الأقدار من انبهار, لأن معظمها تخالف تيار الأماني. ولا بد لنا لتحقيق الأحلام من إصرار, فقطار الأحلام لا يفوت فالزمن قصير وبه سنشقى ونفرح ونحزن فلنسعى جاهدين للاستبشار بتحقيق حلم أمده ليس بالقصير. فالحلم عندما نتمناه يكبر ولربما يشيب ونحن مازلنا نتمنى, حتى نطرق أبواب المشيب.
فوجودنا على هذه الدنيا قدر, وفراقنا قدر وابتهاجنا وحزننا وكل ما لدينا وكل ما فقدنا قدر والدعاء يرد القدر. فلنرجو رب الأحلام ليلاً ونهار, أن يحقق أحلامنا عاجلاً غير آجل, وهي مازالت في ريعان الشباب, متوكلين آخذين بالأسباب, لكي نمنح حياتنا أجمل الإطارات بإذن رب الأرض والسماوات.