في كل مدينة من (13) مدينة في المملكة ينتصب مبنى كبير ومميز، هو إمارة المنطقة، ومعظم الناس في تلك المدن يعرف مبنى الإمارة ويعرف أمير المنطقة ونائبة وربما وكيل الإمارة ايضا، ولكن عندما تسأل هؤلاء الناس، ماهو دور إمارة المنطقة؟ أو لماذا يحتاج المواطن مراجعة إمارة المنطقة؟ ستجد الجواب يكاد ينحصر في شأن واحد وهو ( الشكوى)، ومعظم الشكوى التي تقدم للإمارة هي شكوى التظلم من أجهزة حكومية أو شكوى قصور في الخدمات أو خلافات بين أهل قرية وأخرى أو نزاع بين قبيلتين حول مرعى أو مورد ماء وخلافه، والإمارة في مفهوم الناس هي أعلى سلطة إدارية في المنطقة، لذا يرفع الناس شكواهم لها ابتداء ثم تحيلها لجهات الاختصاص، وبمراجعة الهيكل الإداري الموحد لإمارات المناطق وجدت أن مفهوم الناس عن دور الإمارة مؤصل في هيكلها الإداري بحكم تخصيص إداراتها في شؤون الحقوق الخاصة والعامة، ومع ذلك هناك أدوار أخرى لإمارة المنطقة على درجة عالية من الأهمية، معظمها أدوار تنموية وقيادية اجتماعية، ولكن يبدو أن تفعيل هذه الأدوار الأخرى يتباين من منطقة لأخرى ويكاد يكون الدور التخطيطي الاستراتيجي هو الدور الأكثر ضموراً بين معظم أدوار إمارات المناطق.
القصور في التخطيط الاستراتيجي للمناطق يظهر بوضوح عندما يعتمد مشروع حيوي للمنطقة، كطريق سريع أو مرفق حيوي أو نشاط اقتصادي، حيث تشتعل الخلافات بين أصحاب الرأي وأصحاب النفوذ الاجتماعي من الأهالي، وتصبح أروقة إمارة المنطقة منتديات للوفود التي كل منها يمثل وجهة نظر مختلفة وينشغل أمير المنطقة والأهالي بذلك الشأن أياماً أو شهوراً وتشكل اللجان ويستشار المستشارون وينتشر ذوو المصالح في كل طرف جلباً للتأثيروالاستمالة ثم يخرج الاهتمام عن دائرة المنطقة ويصبح شأنا وطنيا، وما أدل على ذلك من حالة الجدل حول مقر المدينة الرياضية الجديدة بالقصيم، فلو كان هناك استراتيجية تنموية للمنطقة وخطة تطوير اقتصادي وحضري شاملة مبنية على معطيات ومقومات معروفة لربما زال مثل هذا الجدل وتوحدت الجهود في دعم التنمية بصورة أكثر فاعلية وإيجابية.
وزارة الاقتصاد والتخطيط تكاد تكون هي الوزارة الوحيدة التي ليس لها فروع في مناطق المملكة، حيث إن الشأن الاقتصادي والتخطيط هو نشاط مركزي بحكم مركزية القرارات التنموية والمصروفات الحكومية، مع أن الواقع يشهد أن المملكة بمناطقها الثلاثة عشرة هي دولة متنوعة الموارد والجغرافيا والمناخ ولكل منطقة من مناطقها سمات تختلف عن مناطق أخرى ولها مقومات نمو مختلفة، مما يستدعي النظر في وضع خطط تنموية تتناسب مع معطيات كل منطقة، وبما أن التخطيط التنموي هو نشاط قيادي يوكل لسلطة ذات نفوذ وإرادة، وهذه السلطة تتمثل في إمارة المنطقة. لذا أقترح أن يكون في كل إمارة من إمارات المناطق وحدة للتخطيط الاستراتيجي، تركز على وضع خطط استراتيجة لتنمية المنطقة وتحدد سمات المنطقة الاقتصادية والحضرية، وترتبط بوزارة الاقتصاد والتخطيط ارتباطا توجيهيا وإرشاديا، في حين تكون ضمن الجهاز الإداري لإمارة المنطقة.
أزعم أن هذا سيكون باعثا لدور حيوي لإمارة المنطقة وفاعل في التنمية العامة للبلاد.