أبواب العمل الخيري كثيرة ومتعددة، ويستطيع أي إنسان أن يدخل منها ويجد أمامه من الأجر والثواب مالا يحصيه بشر، فإطعام الفقراء والمساكين وكفالة الأيتام والأرامل، وفك إعسار المديونين وحفر الآبار، وإنشاء المشافي ودور تحفيظ القرآن، ووقف النُزل، وطباعة الكتب الدينية وغيرها من تلك الأبواب.
لكن الملاحظ أن بعضا من تلك الأبواب يكون عليها الإقبال كبيراً وبشكل ملفت للنظر، وليس له تنظيم أو توجيه مفيد، مما ينتج عنه إسراف في المال، وهدر للوقت، وضياع للفائدة، وهذا ما رآه الكثير من الذين أدوا شعائر الحج هذا العام أو شاهدوه من خلف شاشات القنوات الفضائية عندما دخلت الكثير من الشاحنات منطقة المشاعر لتقوم بتوزيع الطعام على الحجاج والمكون في كثير من تلك الشاحنات من: الألبان، والفواكه، والمياه، والعصائر، والمعجنات، حيث كان يأخذ بعض ضعاف النفوس أكثر من حاجاتهم فيرمي الباقي في حاويات النفايات.
فلقد ذكر بعض الموزعين في تلك الشاحنات أنهم كانوا يقومون باستخراج الأطعمة الملقاة في الحاويات بكميات كبيرة، هذا إلى جانب المخلفات التي تُرمى على الأرض وتدوسها الأقدام وتساهم في تلوث البيئة وتعثر المشاه.
إن هذا المنظر المسيء للإسلام سوف يؤدي إلى امتعاض كثير من الحجاج وكل من يراه من خلال العرض المباشر لشعائر الحج عبر القنوات الفضائية على مستوى العالم، مستغربين كيف يحدث هذا من المسلمين الذي دينهم يدعو للنظافة والحفاظ على سلامة البيئة وعدم الإسراف.
إنني ومن خلال خبرتي المتواضعة في مجال العمل التطوعي أرى أن يتم تنظيم تلك الأعمال الخيرية التي تقوم بتوزيع الأطعمة على الحجاج بأن يشكل لها لجنة في وزارة الشؤون الإسلامية وعضوية عدد من الجهات الحكومية مثل وزارة الحج ووزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون البلدية والقروية وتضع الشروط المنظمة لكل من يرغب في إدخال شاحنات لتوزيع الأطعمة وتحديد الكميات وعدد الشاحنات وأماكن وقوفها وتوفير الحاويات الكبيرة بجانبها وطريقة التوزيع، وخطة معتمدة لتغطية المشاعر المقدسة سواء في مكة أو عرفات أو مزدلفة أو منى قبل أداء مناسك الحج وبعدها، والتشديد على سائقي تلك الشاحنات بتطبيق التعليمات المحددة، بهكذا تعليمات نستطيع أن نقلل من الإسراف في توزيع الأطعمة في الحج ونوفر الجهد ونحافظ على سلامة الحجاج والبيئة ونحفظ النعمة التي عنها سوف نُسأل.