تقول الراوية المصرية إنّ الراحل سعد زغلول (1858 - 1927)، قائد ثورة 1919 في مصر، وأحد أبرز الزعماء المصريين علي مدار التاريخ، كان على فراش الموت ونظر إلى زوجته السيدة صفية زغلول، وقال لها: «شدي اللحاف يا صفية (أو - غطيني يا صفية)... مفيش فايدة».
وفسّر أصغر رئيس تحرير عرفته مصر حافظ محمود، الكاتب والصحفي والناشط الوطني المصري، والذي توفي في 26 ديسمبر 1996 عن عمر ناهز التسعين، واقعة زغلول التاريخية بتفسيرين .. الأول: أنه كان يقصد الوضع السياسي في مصر في مجمله آنذاك، وذلك هو التفسير الشائع. والثاني: أنه كان يقول لزوجته ألاّ تعطيه مزيداً من الدواء لأنه لا يأتي بأي نتيجة واضحة، بل وأنّ حالته كانت تزداد سوءاً.
الواقعة، والتفسيران ينطبقان على حالة اتحاد كرة القدم، والذي يستعد رئيسه المنتخب لأول مرة منذ تأسيس الاتحاد، لدخول عامه الثالث بعد أقل من شهرين من اليوم. هذا الاتحاد الذي يعاني كثيراً في وضع استراتيجية واضحة المعالم، ويكتنف قراراته الغموض في اختيار رؤساء وأعضاء لجانه، ويعاني خطابه الإعلامي من الارتباك والتناقض بشكل أقرب إلى الفوضى ..
لن أتحدث عن المناصب المتعددة للرجل الـ»سوبر مان» فيه الدكتور عبد الرزاق أبوداوود، والذي أكنّ له احتراماً يليق بتاريخه الرياضي، وخبراته الأكاديمية، ولن أتطرّق إلى غموض آلية اختيار نوعية أعضاء اللجان، والتي تتم بانتقائية عجيبة، ولا حتى الخطاب والمرجعية الإعلامية للاتحاد .. والتي تجسّد فوضى عارمة .. فالمتحدث الرسمي لا علاقة له بلجنة الإعلام .. ولجنة الإعلام رئيسها يسجل غياباً مثيراً للشك .. فيما تحضر أخبار لجنة الاحتراف عبر حساب شخصي في تويتر .. ولجنة المنتخبات لها حساباتها المتعددة في مواقع التواصل الاجتماعي، وترسل أخبارها عن طريق لا علاقة له بالمتحدث الرسمي أو لجنة الإعلام بالاتحاد .. هذه « متاهة « إعلامية في قلب اتحاد واحد !!.
في حين أنّ اللجنة الأولمبية السعودية، وباحترافية عالية، جمعت أخبارها، وأخبار وأنشطة جميع الاتحادات السعودية المختلفة في حساب تويتري واحد، يبث عن طريق مركز إعلامي واحد هو المصدر الرسمي والوحيد لأخبار اللجنة والاتحادات التابعة لها.. لاحظ الفرق بين العمل المنظم ونظيره الفوضوي!
صرح المتحدث الرسمي لاتحاد الكرة عدنان المعيبد للجزيرة أمس، مبرراً اختيار أحد أعضاء لجنة التوثيق، والذي تحوم حول اختياره عديد الانتقادات لتعصبه، وتاريخه المليء بالمشكلات والإسقاطات والتغريدات المسيئة ضد نادي الهلال أو بعض زملاء المهنة. حيث قال المعيبد إنه لم يطلع على الطرح السلبي المتعصب عبر تغريدات هذا العضو المرشح.
وهذه الجملة تكفي لتلخص حالة العزلة التي يعيشها «اتحاد عيد» مع واقع الأحداث المحيطة خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يُعَد تويتر من أبرزها محلياً، كما أنها تلخص حالة الجمود التي يعاني منها الاتحاد اجتماعياً وإعلامياً وتقنياً.. فكيف لا يتواجد رصد لأهم ما ينشر في تويتر، أو تتم مراجعة تغريدات هي في الأحرى تعكس نوايا وتفكير واتجاهات ورغبات وميول أصحابها الذين وقع عليهم الاختيار في عضوية لجنة هي مثار جدل واسع في الوسط الرياضي.
ولنعقد مقارنة سريعة بين اتحادين كرويين أحدهما جامد والآخر متمدن ومتطور ويتسم بالمرونة، أحدهما يمثل القدوة أو المثال الاحترافي في العمل الإداري المؤسَّس بالعلم والكفاءة والخبرة، وآخر يكتنف عمله الإداري الغموض والفوضى.
وأعني هنا الاتحاد الإنجليزي ونظيره السعودي .. فالأول أعلن أول من أمس، وعبر بيان رسمي طبقاً لـ»رويترز»:
أنه يتهم مدافع كوينز بارك رينجرز الدولي السابق ريو فرديناند « بسوء السلوك بعد تدوينه بصفحته على موقع تويتر تعليقاً كان مسيئاً أو - غير لائق -، أو - مهيناً - -، أو - غير ملائم -، ضد أحد المشجعين.
بينما هنا يُتهم عضو مرشح لإحدى اللجان في اتحاد كرة بأكمله، ويسيء لنادٍ بعينه، ويقوم آخر بشتم جماهير نادٍ معيّن، ويشبِّه إعلاميين يختلفون معه في الميول بالفئران، وثالث يشتم رئيس لجنة الحكام، وزملاءه الحكام، والإعلاميين الذين يختلفون معه في الرأي، ومع ذلك يتم مكافأتهم باختيارهم لعضوية ورئاسة لجان توثيقية مهمة، وأخرى إعلامية تمثل الواجهة وهمزة الوصل مع الإعلاميين والجمهور، والثالث يُنظر في أمر عودته للجنة الحكام!!
غرق اتحاد أحمد عيد في الضبابية .. وانتقائيته الغريبة في اختيار أعضاء ورؤساء اللجان .. وارتباكه على المشهد الإعلامي وتناقض خطابه الإعلامي وفوضويته .. يجعلنا نعمق الإيمان بمقولة « الله يعديها على خير «، في ظل حالة الصدمة والدهشة معاً التي نعيشها، من جراء الإحباطات المتولّدة من قرارات اتحاد عيد الغريبة.
أخيراً ..
مدرج الأهلي أساء لحارس الشباب بأهزوجة « الرقاصة «، وعاد للاعتذار عن فعلته ، وهذا واجب عليه .. ولجنة الانضباط تغط في سبات عميق .. لا حس ولا قرار!
ولأنها تعاني من ازدواجية المعايير فقد طلبت «CD» من القناة الرياضية الموسم الماضي في محاولة منها تثبيت اتهام اتحادي للمدرج الهلالي بالعنصرية .. ألا يحق لنا أن نتساءل .. ما الذي اختلف؟ ما الذي تغير؟ .. إنه اللون ولا غيره !