يقوم الإرهاب على جملة من المبادئ الباطلة مع أن مبادئ الإرهاب والالتزام بها لم تكن يوماً بسبب قصور في فهم الأديان ومبادئ الحياة المثلى وإنما لأن الإرهاب بمختلف صوره هو ركوب خيل الشيطان وامتطاء صهوة الهوى ليس.. إلا!! وإذا كانت الأديان جميعاً ومتبعوها يحاولون القضاء على شأفة الإرهاب وكسر شوكته المعنوية والمادية فإن على عقلاء أصحاب هذه الأديان إذا ما أرادوا ذلك فيجب عليهم في هذا النسق الدولي الرحب بالدرجة الأولى نزع هذه المبادئ الضالة التي اعتنقها أصحاب هذه الظاهرة بتجفيف منابعها الثقافية والفكرية قبل نزع فتيل سلاحهم المادي.. فيجب على البشرية بأسرها أن تحاول الفت في عضد هذه المبادئ الضالة التي لا يقرها لا عقل فضلاً عن دين بأي حال من الأحوال. إن الإنسان أحياناً يرتكب صهوة الهوى مدعوماً بإيحاءات شيطانية يحسبها هذا الإنسان هي عين الصواب، وما علم هذا الإنسان أن الشيطان يبحر به في بحر لجي وظلام دامس ومفازات ليس فيها إلا لمع السراب. إن وحي الله الطاهر قد بين لنا بجلاء حال من يحسب أنه أحياناً على الطريق المستقيم وهو يجدف في بحور الشيطان، قال تعالى عن مثل ذلك في وحيه الطاهر: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} إن الترجل عن صهوة الحق وركوب صهوة الهوى فيه فساد للسماوات والأرض ومن فيها قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}، إن من اتبع هواه فقد ترك الحق وركب الباطل.. إن من سلك السبيل الباطل فمعناه ترك لسبيل الحق، فإما أن يتبع الإنسان الباطل أو يتبع الحق ولا غير ذلك شيء.
وما تشهده البشرية اليوم من تفشي ظاهرة الإرهاب إنما هو قصور منبثق من قبل أصحاب الحق الذين معهم حق يدمغ كل باطل.. فلو بيّنا الحق بياناً كما هي إرادة الله وإرادة رسوله لزهق الباطل ولتوارى أمام الحق بعيداً قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} إن استشراء ظاهرة الإرهاب بالأمس واليوم هو لأننا لم نقم بعمل مناسب عن طريق الحق الذي حجته تزهق هذا الإرهاب والباطل.. لأن الباطل أمام الحق ليس له قدم راسخة ولن يطل برأسه إذا دمغه الحق قال تعالى: {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} إذاً أنى للباطل أن يعود والساحة الفكرية عامرة بالحق ولم تبق فراغاً ليعيش به الباطل. إذاً إن نزع مبادئ الإرهاب وإبطالها هو أولى من نزع السلاح المادي، لأن الحق إذا حارب باطلاً فلن يكن لهذا الباطل عصبة تقوي شوكته يوماً ما؛ إذاً فالحرب المعنوية المدعومة بالحق لن تبقي للباطل مساحة ولا عصبة تأتي يوماً لترد ما فقدت لأن المهزوم بالحق والحجة عادة يرضى ويسلم في اليوم وقابل الأيام بعكس المهزوم بالسلاح فإنه إذا هُزم فإنه يتحين الفرصة ليعود الكرة.. فالذي هزمه قول الحق متمثلاً في الله تعالى وقول الله على حق دائماً بعكس لو أن البشر هم الذي هزموه فإن الأنفة البشرية ترفض هذه الهزيمة، وإن عجزت اليوم بسبب قصور في الأسباب المادية فإنها ستعيد الكرة إذا سنحت الفرصة. إذاً لن تنكسر شوكة الباطل إلا بسلاح الحق الذي يتقدم السلاح المادي.. إذا فالإرهاب يُقضى عليه ليس بقتله وإزهاقه بالأسباب المادية فقط بل بمبادئ من السماء تُضاد تلك المبادئ الباطلة التي قام عليها الإرهاب.. وما دمت أتكلم عن هذا الموضوع فإني أشيد بجهود بلدي المملكة العربية السعودية فقد علت درجات منبر بلادي سواء الديني منها أو السياسي من أجل القضاء على هذه الظاهرة، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، توجه الله بتاج الصحة والعافية يقول دائماً إن الفكر الضال لن يتوارى ولن تهدم حصونه إلا بفكر مضاد يتبنى كلمة الحق التي تنبثق من دين الله ودين عقلاء خلقه. وإن الحق الذي أنادي به أن يكون هذا نداً ناسفاً لمبادئ الباطل الذي لن يستقيم إلا عبر بوابة ديننا الحنيف، وإلا إذا استقيناه من غيره فربما يبقى الباطل في صراع دائم مع الحق.