تستعرض أم وأكاديمية سعودية قصتها الواقعية من رحم المعاناة ومعايشتها لواقع الإعاقة التي دفعتها للتخصص العلمي العالي بهذه القضية، وكيف عايشت ابنها المعاق بإعاقة الصمم الذي دفعت إعاقته بتوجهها لخدمة هذه الفئات وخدمتهم، وذلك خلال المؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل الذي سيعقد في مدينة الرياض خلال الفترة من 19 إلى 21 أكتوبر الجاري.
وتقول الدكتورة فوزية بنت محمد بن حسن أخضر مدير عام التربية الخاصَّة بوزارة التربية والتَّعليم سابقًا والحاصلة على دكتوراه في فلسفة التَّعليم الخاص من الولايات الأمريكية المتحدة عام 1990م، في ورقة علميَّة تقدمها خلال المؤتمر بعنوان «مراكز التشخيص والتدخل المبكر ودورها الإرشادي لأسر ذوي الإعاقة.. تجربة شخصيَّة»، وتتَضمَّن تجربتها وتوصياتها: «أنا أتحدَّث معكم من منطلق ثلاثي الأبعاد من خلال تجربة شخصيَّة وتخصص ومسؤولية إدارية، فمحدثتكم هي من شرّفها الله بأن تكون أمًا لشاب أصم، وألهمها ووفقها في أن تتخصص في مجال إعاقته في الدراسات العليا، وكلفها بأن تكون مسؤولة عن هذه الفئات بوزارة التربية والتَّعليم لمدة 38 عامًا».
وحددت الدكتورة أخضر المشكلات التي واجهتها كأم في التعامل مع ذوي الإعاقة وقالت: إنها «تتمثل في انعدام أو ندرة مراكز التشخيص والتدخل المبكر بالمملكة وما زالت حتَّى الآن، وعدم تدريب الأطباء على الطريقة السليمة لأخبار الأسرة عن إعاقة ابنهم، وغياب السياسات الوطنيَّة حيال التدخل المبكر بسبب عدم إدراك الحجم الفعلي لمشكلات الإعاقة في الطفولة المبكرة من جهة وبسبب التحدِّيات العديدة الأخرى التي ينبغي مواجهتها من جهة أخرى».
وأضافت أن التحدِّيات تتَضمَّن «عدم توفر دورات تدريبية للأسر على كيفية التعامل مع إعاقة هذا الطفل، وغياب التنسيق بين البرامج الأولية المتوفرة في المؤسسات وأقسام الأمومة والطفولة في المستشفيات الخاصَّة والعامَّة، وعدم التنسيق الكافي بين الوزارات ذات العلاقة عن مسؤولية التدخل وهي وزارات التربية والتَّعليم والصحة والشؤون الاجتماعيَّة، علاوة على عدم توفر القياس المبكر للأطفال الصم من قبل الولادة، وتعامل الأطباء مع الإعاقة من منظور طبي فقط مما يدفعهم إلى تبنى مواقف متشائمة حيال إمكانية تحسن الطفل».
وبعد أن حددت التحدِّيات التي واجهتها، استعرَّضت الصعوبات التي تواجه الأسر الذين لديهم أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصَّة في المملكة، وقالت إنها تتمثل في انعدام أو ندرة مراكز التشخيص والتدخل المبكر، وضعف التشخيص وعدم مصداقيته في أغلب الأحيان بسبب عدم تحديث الأدوات المستخدمة، وعدم توفر أدوات معملية أو فحوصات عضوية للكشف عن الإعاقات البسيطة والإعاقات المخفية وغير التقليدية، وعدم توفر الكوادر المؤهلة والمختصة في هذا المجال لعمل الزيارات المنزلية والتعامل مع الأسرة والطفل بالطريقة السليمة، وعدم توفر دورات تدريبية لمن هم على رأس العمل من المعلمين والمتعاملين مع هؤلاء الأطفال.
وتطرَّقت إلى اهتمام الحكومة السعوديَّة بذوي الإعاقة، وقالت إنه على الرغم من أن بعضًا من أطفالنا من ذوي الإعاقة يعانون من ظروف قاسية ومأساوية سواء في مراكز ومؤسسات الإيواء أو في محيط الأسرة أو في المجتمع العادي ككل، إلا أن الحكومة خطت خطوات واسعة في مجال خدماتهم، فقدمت لهم الخدمات التربويَّة والتأهيلية اللازمة باعتبارهم جزءًا من المجتمع منذ عام 1380هـ، وتُؤكِّد على ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات، مشيرة إلى أن من أهم الخدمات التي قدمتها المملكة لهم هي إنشاء اللجنة الوطنيَّة السعوديَّة للطفولة بوزارة التربية والتَّعليم لحمايتهم أيْضًا من كل ما يسيء لهم التي تحولت إلى هيئة عليا، ولكن لم يذكر أنّه من ضمن اهتماماتها الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصَّة بدليل أنها لم تشارك المختصين في هذه اللجنة.
كما قامت الحكومة بتشكيل لجنة تنسيق لخدماتهم من الوزارات ذات العلاقة التي تقدم خدمات لهذه الفئات، غير أنها لم تقدم شيئًا يذكر لأنّها جميعها من الرجال ولم يكن من بين أعضائها ولا امرأة، كما تَمَّ أخيرًا الموافقة السامية على المجلس الأعلى للطفولة، وإصدار النظام الوطني للمعاقين ومن أهم توصياته وهو إنشاء مجلس أعلى لشؤون المعاقين وقد تمَّت بالفعل الموافقة السامية على إنشاء هذا المجلس.
يذكر أن الدكتورة فوزية بنت محمد بن حسن أخضر، عملت في العديد من المواقع وشغَّلت عضوية الكثير من الجهات، فهي مدير عام التربية الخاصَّة بوزارة التربية والتَّعليم سابقًا، وعضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، وعضو مجلس إدارة الجمعية الوطنيَّة للمتقاعدين، ومدرِّب معتمد بالمجلس الثقافي البريطاني، وعضو النظام الوطني للمعاقين، ولها العديد من المؤلِّفات الخاصَّة بالمعاقين.