أصبح الحديث في الساحة الرياضية لا يعلو على لجنة توثيق البطولات التي تشكلت مؤخراً وضمت ثلاثة أشخاص, حيث برزت الانتقادات سواء لأعضاء اللجنة أو لاتحاد القدم.
الجزيرة اتجهت لعدد من أصحاب الرأي لأخذ انطباعهم عن فكرة توثيق البطولات, وعن رأيهم في أعضاء اللجنة, وعن المعايير التي من الواجب اتباعها في توثيق وحصر البطولات.
البداية كانت مع الأستاذ تركي الخليوي رئيس الاتحادين السعودي والعربي لكرة اليد ونائب رئيس نادي الشباب الأسبق والذي أكد بأن فكرة تشكيل فريق عمل لتوثيق البطولات أمر مهم, وقال:» أعتقد أن تشكيل مثل هذه اللجنة التي تعنى بتصنيف وتوثيق البطولات أمر مطلوب منذ زمن، بل إنها تأخرت كثيرا، وكان يجب أن تسمى (لجنة تصنيف وتوثيق البطولات)، خاصة وأن الاختلاف حول التصنيف أكبر وأهم من التوثيق، بل هو الطريق إليه «.
وعرج الخليوي على أعضاء لجنة التوثيق, حيث قال:» في رأيي أن لدى كلٍّ منهم وكغيرهم رأيٌ يُحترم، وإن كانوا غير متخصصين باستثناء واحد الى حدٍ ما، ورصيدهم في ذلك شيء من الخبرة، ولكن هل سألنا بداية ماهي معايير اختيار الأعضاء، وهي الأهم وهي ماكان يجب أن يقوم به الاتحاد ومن ثم على ضوئه يتم اختيار الأعضاء وفق هذه المعايير».
وتابع:» أنا من ضمن المؤيدين بل أؤكد على زيادة أعضاء اللجنة خاصة مايتعلق بمرحلة التصنيف، ولتكن برئاسة الاتحاد ممثلة في عضو مجلس إدارتها، وعضوية ممثلي الأندية الستة الكبار وصاحبة البطولات ونفس العدد من المؤرخين، بحيث تقدم دراستها حول التصنيف ومن ثم التوثيق ويترك لمجلس إدارة الاتحاد البت في نتائجها من خلال لجنة عليا محايدة وذات خبرة رياضية طويلة وعميقة وتراكمية لإسقاط ماتم الاتفاق عليه حول التصنيف على البطولات بعد رصدها، ومن هنا يجب أن تتم عملية التصنيف ووضع المعايير قبل الرصد لتكون الموضوعية والحيادية حاضرة وبعدها يتم التوثيق والاحتكام الى تلك المعايير».
وحول المعايير الواجب اتباعها لتوثيق البطولات, قال:» من وجهة نظري الشخصية القاصرة أرى الأخذ في الاعتبار الأمور التالية:
1 - لابد من تصنيف دلالة كلمة بطولة وماذا يفترض أن تعني، فليس كل كأس بطولة، وليس كل مسابقة بطولة.
2 - البطولة لها رأس وجسد مكتمل الأعضاء ومدة زمنية وعدد معين من الأندية ونظام مسبق ومعتمد ومتكرر وغير ذلك يدخل في نطاق اللقاءات التنشيطية (أو مجازاً) البطولات التنشيطية.
3 - الشمولية مطلب لأي بطولة مستوى أول، وغيرها قد يصنف بطولات مستوى ثانٍ أو ثالث وتسجل كتوثيق لكن لا يتم احتسابها بطولة.
4 - قد يكون هناك بطولات تحت مسمى (بطولة خاصة) وفي ذلك أكثر من مثال، ولا تدخل ضمن بطولات المستوى الأول بأي حال.
5 - لا يمكن لمسابقة طارئة أو عشوائية أو رغبة من شخص، أوودية أوشبه ودية أولا تُمثل فيها مناطق المملكة الرئيسة على الأقل (إذا أخذنا في الاعتبار البطولات التأسيسية القديمة) أقول لا يمكن لكل هذه أن تسمى بطولة، بمعنى لا يمكن لبطولة مناطق أن تسمى بطولة، ولا يمكن لبطولة تصنيفية أن تسمى بطولة ولا يمكن لبطولة صعود من درجة أدنى أن تسمى بطولة.
6 - لا يمكن أن نسمي بطولة لغير المستوى الأول، بمعنى بطولة الدرجة الأولى أو الثانية كمثال لا تسمى بطولة بل توضع ضمن تصنيفٍ خاص، وأقصد هنا فرق الدوري الممتاز وليس غيرها.
7 - لا يمكن لبطولة لمناسبة معينة أن تكون بطولة مستوى أول مالم يشترك فيها الحد الأدنى من الأندية وهو عدد أندية الدرجة حال إقامتها وأقصد الأندية الممتازة، فلا يمكن لبطولة يشترك فيها أقل من هذا العدد أن تسمى بطولة مالم ينطبق ماقلناه في النقطة الثانية وتكون مولودة من رحم بطولة أساسية.
8 - لا يمكن لبطولة خيرية أن تسمى بطولة مالم تكن مستمرة ولها نظام مسبق ويشترك فيها كل أندية المستوى الأول.
هذه في رأيي بعض النقاط التي يجب أن تكون منطلقا للتباحث حولها والله أعلم.
وحول مدى توقعه بنجاح اللجنة حال استمرارها بشكلها الحالي, قال:» نجاح اللجنة بالأسماء الحالية علمه عند الله, ونتمنى لهم التوفيق، ومتى ما تم إخلاص العمل لله بعيدا عن العواطف والمجاملات والخوف والميول وتم تحكيم الضمير الذي على ضوئه نحاسب من العزيز الحكيم بعيدا عن الألوان، متى ما استشعروا ذلك فالنجاح بإذن الله حليفهم.
وختم الخليوي حديثه قائلا:» الجدير بلفت النظر إليه ايضا هي ألاَّ تكون نتائج دراسة اللجنة هي النهائية واللجنة العليا من الأهمية بمكان مراجعة الدراسة ومناقشة اللجنة حولها ومن ثم الرفع للاتحاد لإصدار القرار بمؤتمر شفاف يوضح فيه كل الحيثيات والخطوات التي تم القيام بها والاعتماد عليها في الدراسة.
من جهته, أشار خالد العجلان رئيس نادي الطائي الأسبق إلى أن توثيق البطولات يجب أن يكون من الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا من اتحاد القدم, وقال:»فكرة توثيق البطولات تعتبر فكرة جيدة, ولكن يجب أن تتولى الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذا الملف الكبير, لا أن يتولاه اتحاد القدم الذي يعتبر حديث عهد, فالإشكالية تكمن في ماقبل استحداث اتحاد للقدم, ومن هنا تأتي أهمية رعاية الشباب التي تمتلك مستندات وملفات لا يمتلكها اتحاد القدم».
وتساءل العجلان عن المؤرخين الكبار, حيث قال:»أين هم المؤرخون الكبار أمثال الدكتور أمين ساعاتي, وعبدالله المالكي, وفهد الدوس, ومحمد القدادي.. لماذا غاب أمثال هؤلاء الذين يملكون الكثير عن الكرة السعودية, وفي المقابل جاء اتحاد القدم بأشخاص لا علاقة لهم بالتاريخ باستثناء الدكتور عبدالرزاق أبو داود الذي عاش تلك الفترة ولكنه ليس براصد تاريخي, ولعلي هنا أستشهد بأحدهم حينما قال: (أنا لست مختصا بالإحصاء والتوثيق), فكيف يؤتى به؟ وكيف تم تجاهل الأندية؟.
وأضاف:»الشيخ عبدالرحمن ين سعيد- رحمه الله- يملك الكثير والكثير عن تاريخ الكرة السعودية, والأوراق والمستندات لا زالت لدى أبنائه, ويجب أن يُطلب منهم كل ماله علاقة بالتاريخ».
وشدد العجلان على أنه يجب زيادة عدد الأعضاء في حال لم تسند المهمة لرعاية الشباب, وقال:»من المفترض أن يكون هنالك مندوب عن كل ناد في اللجنة».
وعن المعايير التي يجب اتباعها في إحصاء البطولات, قال:»البطولات معروفة على مستوى العالم وهي ثلاث بطولات فقط.. الدوري وكأس الملك وكأس ولي العهد, وهنالك بطولات معتمدة مثل كأس المؤسس لا بد أن تحتسب, بالإضافة إلى البطولات الخليجية والعربية والآسيوية, أما البطولات التنشيطية والحبية والمناطقية فيجب ألا تحسب».
وتوقع العجلان عدم نجاح اللجنة في حال استمرارها بالأسماء الحالية, وقال:» مالم يدخل معهم مؤرخون, فسوف يكون هنالك لغط كثير جدا, وسيكون هنالك إشكالات كبيرة جدا, فالأسماء المتواجدة الآن في اللجنة لا يملكون الخبرة, وسيضعون حتى البطولات الحبية والتنشيطية, وهذه كارثة, فالتاريخ يجب ألا يوثق بهذا الشكل, ويجب ألا يوثق التاريخ إلا شخص تجاوز عمره الستين عاما».
وختم العجلان حديثه قائلا:»تجاهل المؤرخين الكبار أمين ساعاتي وعبدالله المالكي ومحمد القدادي ليس له معنى إلا أن من شكل اللجنة له هدف لا نعلم عنه».
من جانبه, أيد جمال العلي عضو شرف نادي القادسية ما أشار له العجلان, حيث قال:» التاريخ يجب أن يوثق من قبل رعاية الشباب لا اتحاد القدم بحكم امتلاك رعاية الشباب لوثائق لا توجد في اتحاد القدم, فحقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات لم يكن هنالك اتحاد قدم, وكانت رعاية الشباب هي المسؤولة عن البطولات وعن الأندية, أما اتحاد القدم فهو لم يتشكل إلا في وقت قريب, ولذلك يجب على رعاية الشباب أن تتحمل هذا الملف».
وأضاف:»هنالك أشخاص عايشوا الحقبة الزمنية السابقة, ولا زالوا على قيد الحياة مثل عبدالرحمن الدهام وعبدالله كعكي وعبدالله فرج وعبدالرحمن الموزان, وغيرهم من الإداريين واللاعبين.. هؤلاء هم الأجدر بتوثيق التاريخ, حيث يملكون المعلومة الكاملة, أما أن يأتي شخص سمع ولم يعش تلك الفترة ويريد توثيقها فهذه مشكلة كبرى خاصة ونحن نتحدث عن التاريخ الذي يجب أن يوثق بدقة ومن المتخصصين, لا أن يوثق من قبل مشجع تأتي به ليوثق تاريخا ستحكي عن الأجيال القادمة».
وشدد العلي على أن الدكتور عبدالرزاق أبو داود رئيس لجنة توثيق البطولات يعتبرمن المعاصرين للفترات السابقة, ولكنه يجب أن يأتي بأشخاص كانوا معه في تلك الفترة.
من جهة أخرى, أشاد المؤرخ الرياضي المعروف عبدالله جارالله المالكي بفكرة توثيق البطولات, وقال:»هنالك من زاد من عدد بطولات فريقه بشكل لا يمكن تصوره, ولذلك كان من الواجب أن يتم توثيق البطولات بشكل رسمي».
وعن المعايير الواجب اتباعها في توثيق البطولات, قال:»لدينا بطولات محلية وبطولات إقليمية وبطولات قارية.. فعلى المستوى المحلي لدينا أربع بطولات هي البطولات الرسمية, وهي كأس الملك والدوري الممتاز وكأس ولي العهد وكأس السوبر, أما الإقليمية فهي البطولة الخليجية والبطولة العربية, وهنالك البطولات القارية وهي البطولات التي تقام على مستوى آسيا, هذه هي البطولات الرسمية والمعترف بها, أما غيرها فهي تعتبر بطولات مناسباتية تحسب للفريق ولكن لا تضم بشكل رسمي, باستثناء بطولة كأس المؤسس التي تحسب رسمية بحكم مشاركة جميع الفرق فيها وكان لا بد أن تصنف على أنها بطولة مناسباتية».
وعن بطولات المناطق, قال:»هذه البطولات ليست رسمية, فقد كان في الوقت السابق يقام دوري على مستوى المنطقة, ومن يحقق المركز الأول يذهب للعب مع بطلي المنطقة الشرقية والوسطى, وهذه لا تعد بطولة حيث لم يكن فيها لا كأس ولا درع».
وعرج المالكي على أعضاء لجنة توثيق البطولات, حيث قال:» على المستوى السياسي والاقتصادي حينما تتشكل اللجنة لا بد أن تضم الخبراء وأصحاب الأمانة والمؤهلين, وليس مجرد اختيار فقط, ومع احترامي لأعضاء لجنة التوثيق إلا أنه من المفترض ألا يدخل هذه اللجنة إلا من تجاوز عمره الخمسين عاما, فنحن نتحدث عن تاريخ يجب أن يوثق من قبل المطلعين, ناهيك عن أن العدد قليل, فأنا أرى بأنه يجب أن يكون العدد على الأقل أربعة ومن مناطق مختلفة ويكونون ملمين بالتاريخ».
وشدد المالكي على أنه يجب أن يكون قرار اللجنة الحالية هو القرار الأخير والحاسم حتى نغلق باب الجدل الحاصل في عدد البطولات, وقال:»بعد أن تنتهي لجنة التوثيق من توثيق البطولات يجب أن يتم تصديقها من رعاية الشباب حتى تعتمد ونغلق هذا الباب».
وتوقع المالكي ألا تنجــح اللجنة بشكلها الحالي, وقال:»لا نشكك فيهم, ولكن النجاح يحتاج لعدة عوامل».