رحل عن دنيانا أستاذ رائد في جيله ومعلم نابغ في تخصصه، قدم في حياته نموذجا للعطاء الأمثل في صياغته وأسلوبه إنه الأستاذ عبدالرحمن بن عبد الله الهقاص- رحمه الله- الذي وقف أمام طلابه لعدة سنوات يعلم اللغة العربية في الثانوية العامة في عنيزة (وكاتب هذه السطور أحد هؤلاء التلاميذ) ومن ثم انتقل إلى ثانوية الشيخ ابن سعدي في عنيزة, لقد كانت حياته رحمه الله حافلة بالجد والنشاط والحيوية والعطاء، وقد ولد ونشأ في حي يسمى حي الشعبية جنوب محافظة عنيزة وهو أحد أحياء عنيزة الشهيرة والقديمة والمعروفة بالنشاط الزراعي، والفقيد من أسرة توارثت العمل بهذا النشاط ولم يمنعه ذلك من التحصيل العلمي فواصل تحصيله إلى أن تحقق له طموحه واستطاع التوفيق بينهما، وكان للألحان والفن الإنشادي الذي يصاحب العمل الزراعي عند السقيا وإخراج المياه من الآبار في ذلك الوقت تأثيرها على عطائه الفكري في قادم الأيام، درس الفقيد المرحلة الابتدائية متنقلاً بين المدرستين السعودية والفيصلية في عنيزة، ثم التحق بالمعهد العلمي فيها وبدأت في هذه المرحلة بوادر نبوغ الشعر تنمو لديه حيث سبق ذلك اطلاعه وحفظه للكثير من دواوين الشعر لفطاحلة الشعر النبطي، ولم يكن ذلك فحسب بل كان واحداً من النابغين في اللغة العربية (نحواً وصرفاً وعروضا) وبعد أن أكمل الدراسة بالمعهد العلمي التحق في عام 1385هـ بكلية اللغة العربية بالرياض وتخرج منها عام 1389هـ وعين في بادئ الأمر معلماً للغة العربية في المرحلة المتوسطة في مدينة الهفوف بالأحساء ثم انتقل للعمل بمتوسطة حنين بالسيح في الخرج وانتقل إلى الرياض معلما في المرحلة الثانوية ثم عاد إلى مسقط رأسه عنيزة معلماً في الثانوية العامة ثم في ثانوية ابن سعدي حتى أحيل على التقاعد بناء على طلبه عام 1414هـ وتفرغ للقراءة والاطلاع والشعر وحفظ القرآن كاملاً بعد تقاعده, له من الأبناء ثلاثة زياد موظف بالمراسم الملكية، وحسن موظف في أحد المصارف الوطنية، وسلطان طالب في المرحلة الثانوية في عنيزة (هذا جانب من سيرة الفقيد. تفضل الأستاذ يوسف الضاري وهو أحد تلاميذه بإرسالها لي مشكوراً), رحم الله الفقيد جزاء ما قدم لأمته ومجتمعه وطلابه الذين يذكرونه بالكثير من الفضل عليهم وكنت وجيلي من تلاميذه نقدر له نبوغه وجده وحرصه على تلاميذه، اللهم بدله داراً خيرا من داره وجازه بالإحسان إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً, وجمل أهله وأسرتوأبناءه ومحبيه وعارفيه بالصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).