قرأت ما كتبه الأخ عبد الرحمن المصيبيح في استطلاعه يوم الخميس 15 من شهر ذي الحجة عام 1435 للهجرة؛ واستعراض آراء الحجاج حول الخدمات والمشاريع؛ مما سهل على الحجاج التزود بالطاعات والتمتع بروحانية العبادة.
لا شك في نجاح الحج وتمتع الحجاج بطاعاتهم؛ فالدولة تبذل أموالا طائلة على الحج وفي مواسم العمرة؛ وفق الله المملكة العربية السعودية لكل خير.
خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز؛ ولي ولي العهد؛ صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز؛ لم يقصروا في توجيه المسؤولين؛ من أجل خدمة الحجاج وزوار بيت الله الحرام؛ والأمانة عظيمة ولا شك.
ولكن يشوه جهود الدولة الافتراش؛ وما يحدثه الافتراش؛ من رمي المخلفات في الشوارع والأرصفة وفي الجبال أيضا؛ بل لقد وصل الحال ببعض الحجاج تعمد رمي المخلفات على وحول جدران الجمرات؛ وكأن المكان لهم؛ وليس لعموم الحجاج والمسلمين.
من حج هذا العام سيجد تعامل بعض الحجاج مع مشعر منى يندى له الجبين؛ ولا أدري ما الذي يجعل بعض الحجاج في حال مؤسفة في المشاعر؛ وفي حال مختلفة في المسجد الحرام؟!
المشاعر كلها من الحرم؛ الذي يمنع فيه قطع الأشجار والصيد؛ فلماذا يهين بعض الحجاج مكان منى وعرفات ومزدلفة بالقاذورات وترك المخلفات؟!
هل نحتاج لتبليط المشاعر بالرخام والسراميك؛ وتزيينها كما هو الحال في المسجد الحرام؛ لعل وعسى أن تشارك روعة البناء في منع التصرفات الغريبة في المشاعر؟!
الملاحظات لن تقلل من الجهود؛ بل تدعم الجهود وتثبتها وهي تمتين للعمل في المشاعر؛ وكلفت الدولة كافة الدوائر الحكومية للمشاركة؛ ويشاركها القطاع الخاص والأهلي والجمعيات الخيرية والشركات المرخصة؛ وهناك وزارة للحج ولجنة الحج العليا؛ وجهات حكومية خاصة بالمشاعر والحرمين الشريفين؛ ويطول المقال بتعدادها.
أتمنى تطوير تلك الأجهزة وإعادة تنظيم مشاركة الجهات المساندة ودعمها.
لم يعد التصريح للحج كافيا؛ بل لابد من صرف سوارة إلكترونية لكل حاج أو توفير بطاقة حج لكل حاج؛ تمكن من قراءة معلومات الحاج؛ وتوفير أجهزة بيد راجلة في المشاعر؛ مهمتها المرور على الحجاج في أماكن افتراشهم بالذات؛ مع أجهزة لتسجيل بصمة كل من لا يملك السوارة؛ ثم محاسبته عند مغادرة المشاعر أو الوطن؛ إذا تمكن من تجاوز نقاط تفتيش الدخول للمشاعر.
وأقترح أيضا؛ فتح مراكز في كل مكان وبعدد كبير جدا؛ مهمتها اخذ بصمة المتسول؛ والاستيضاح من التصريح إلكترونيا؛ ثم منحه مبلغا ماليا؛ يكفل حياته؛ وبشكل يومي؛ واعلان ذلك للعموم - لا تدفع لمتسول - ادفع لمركز إعانة المتسول-.
بعد الدفع لهذا المتسول من قبل مراكز محددة؛ وفي أماكن عدة وخارج المشاعر؛ يتم التواصل مع المسؤول في حملة الحاج المتسول؛ إن كان حضر عبر حملة حج؛ ومناقشة المسؤول عن ذلك المتسول وكفيل الحاج غير المرخص له بالحج؛ وكيف وصل به الحال للتسول أو الافتراش؛ بحيث تتولى مراكز مراقبة التسول جهة محايدة غير وزارة الحج؛ وتكشف الواقع.
أما الحاج الذي دخل الحج بلا حملة فينظر في وضعه وشأنه بالتعاون مع المسؤولين.
إذا تيقن المتسول والمهرب والمتسرب للمشاعر بلا تصريح؛ بأنه لن يجد من يقدم له طعاما وشرابا مجانا فلن يأت للحج؛ ولن يضايق الحجاج؛ ولن يشوه المكان.
عدم الدفع للمتسول داخل المشاعر؛ يحتاج لجهود سابقة وأخرى لاحقة؛ لمنع الظاهرة وتنظيمها؛ وبما لا يحدث القاذورات في المشاعر؛ وذلك بالتعاون مع مراكز دعم التسول والمتسول؛ ولا أقصد مراكز مكافحة التسول.
التالي والذي أقترحه في مقالي هذا؛ هو منع توزيع كل الصدقات العينية والنقدية في المشاعر المقدسة؛ وتوجيه المتسول للمراكز التي تمنحه مبلغ المعيشة اليومية في أطراف مكة؛ لا المشاعر؛ من أكل وشرب وتنقل وخلافه؛ بحيث لا يكون للمتسول مطمع عند الحرم وداخل الحرم والمشاعر؛ وبذلك نقضي على الافتراش؛ وتتكشف حال التسول ونقضي عليه؛ بلا قوة الحجز والترحيل ونحوه.
إذا كنا نؤمن بأن منع المتسول والمفترش لن يتم بالقوة والسجن والترحيل ونحوه؛ فإن حصر المتسولين وكشف هوياتهم وشخصياتهم جزء من الحل؛ بل الحل العزم على عدم الدفع لهؤلاء؛ فمكة والمشاعر ليست بيوتا للفقراء ونحوهم.
بل جزء من الحل منع توزيع الوجبات والمشروبات وإيقافها في المشاعر ومكة؛ ومن أراد التبرع فليتبرع في غير المشاعر؛ بخلاف الماء؛ فتوزيع الماء مطلب؛ لكن في علب لا تحدث الهدر؛ ولا تشوه المكان.
قبل أن نفكر بالمنع نحتاج لتقديم حلول جذرية وبجودة عالية ومراقبة تامة تحت شعار _ الحرم والمشاعر ليست بيوتا للفقراء_
نحن من نشجع تشويه الحج بالتعاطف مع التسول؛ ولذا لو أعلنت وزارة الحج والداخلية بأنه لا مكان للتسول؛ ولا استعطاف الجميع؛ ثم التوقف عن التبرع؛ وتولي ذلك عبر جمعية واحدة؛ خارج المشاعر؛ يقضي على ظاهرة الافتراش.
أتمنى إنشاء جمعية المشاعر وتدرجها في تحديد آليات التوزيع الخيري داخل المشاعر؛ وحصر العمل عبر كوادرها؛ ثم بعد العام القادم تمنع التوزيع داخل المشاعر نهائيا.
البذخ والإسراف في ولائم الحجاج أيضا سبب؛ فبقايا الأكل تدفع للمتسول والمعدم؛ وعقوبة الإسراف في الحج قد تأتي في الدنيا أو الآخرة.
هناك جمعيات تأتي من عدة مناطق لتكثيف التوزيع الخيري بالمشاعر؛ وهي من أسباب الفوضى؛ ونحن لا نشعر بأثر تصرفات التبرع؛ ولست ضد ذلك الخير؛ بل معه؛ ولكن نحتاج لتنظيمه.
الصدقة بفوضى؛ تحدث الفوضى؛ ليس بالحج فقط؛ بل في أي مكان.
لو جربنا توزيع وجبات في أي حديقة أو مكان ما من الأرض؛ فسيأتي الفقراء وبمعيتهم كل متسول؛ وأجزم بأنهم لن يتركوا المكان نظيفا؛ وسيكون وضعه نفس وضع المشاعر المقدسة؛ بل لا أستغرب أبدا القدوم من خارج الوطن لبازار أو لمحفل التوزيع؛ إذا كان المنظم سيقول: هلموا وتعالوا.
الإجراء الإداري الصواب، التسول ممنوع منعا باتا في المشاعر، ولأن توزيع الوجبات سبب جوهري في الافتراش والتسول في الحج؛ بل ورمي القاذورات في كل مكان؛ فالخطوة التالية منع الجمعيات والأفراد من التوزيع؛ وإعلان ذلك من الآن- لن تجد طعاما مجانيا في المشاعر، أيها المتسول: اذهب بعيدا عن المشاعر.
وهنا يتوجب توجيه المتصدق لحساب موحد؛ يكون رصيدا لكل متسول في مكة؛ ولكن في أماكن خارج المشاعر.
أول خطوات إجبار المتسول على الرحيل من المشاعر هو السبق لإعلام الجميع - لا للتسول في الحج؛ لا تشجيع على التسول في الحج.
التسول يوجب منع أسبابه؛ وموجب لترحيل المتسول أو عقابه؛ أو إخضاعه للتعلم وتعليمه صنعة؛ أي إجباره على تعلم صنعة في بلده؛ ويحدد ذلك حجم النفقات؛ بحيث لا يفتح الباب لمزيد من التسول.
وبمجرد أخذ بصمة المتسول في مركز ما؛ يمنع تسليمه إعانته اليومية من مركز آخر؛ وبهذا سنقضي على الافتراش والتسول وكل القاذورات التي نراها في المشاعر؛ وإذا بقي التوزيع دون تنظيم ستبقى الفوضى في المشاعر.
أعتقد بأن تقديم الأفكار لضبط كل جزئية في الحج؛ تضمن التحرك لتجاوز كل ملاحظة.
أدرك صعوبة العمل في المشاعر المقدسة؛ لكن التوزيع الخيري ساعد بشكل ما؛ على عدم ضبط ساحات الحج؛ وساعد على الافتراش؛ ولذا أقترح الاعلان عن أماكن استقبال المتسول خارج المشاعر وخارج محيط المسجد الحرام.
طبعا، لا أطلب استمرار مراكز دعم المتسول؛ بل لتكن في كل مكان مؤقتا؛ ثم يتم تقليصها كل عام.
لا يمنع إنشاء جمعية خيرية متخصصة بالمشاعر والحرم؛ لتعمل خارج المشاعر؛ لنقول للمتسول تعال للمكان المناسب.
تسمية الجمعية بالمشاعر؛ لا يعني وجودها داخل المشاعر.
لا أقصد عدم تعاون الجمعيات الأخرى؛ بل ليكون التنفيذ والادارة لجمعية المشاعر المقدسة فقط؛ بحيث تستقبل التبرعات لخدمة الحجاج بعمل مؤسسي منظم؛ يخطط لجعل مكة والمشاعر خالية من التسول؛ ونظيفة وبلا افتراش.