انتقد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء مغردين على مواقع التواصل الاجتماعي هدفهم تصيد الأخطاء وإبراز السلبيات في موسم الحج دون وجه حق وقال سماحة المفتي في خطبة الجمعة أمس في جامع الإمام تركي بن عبدالله وسط العاصمة الرياض: بعض المغردين ينظر الى موقف واحد سيء أو تصرف فردي ثم يتحدث به ويعرضه للناس في مواقع التواصل الاجتماعي ويعممه على أعمال الحج دون الإشارة إلى الجهود المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن وعرض الإيجابيات مؤكداً أن هذا التصرف منافٍ للحقيقة وبعيد عن الصواب.
وأكد مفتي عام المملكة ان من يغرد بالأخطاء عن موسم الحج فهو في الحقيقة في قلبه مرض وسوء خلق وفيه جحود للفضائل التي تقوم بها قطاعات الدولة بكل جهد وتفانٍ، لافتا إلى أن الواجب على المسلم ان يعين على الخير وان يتعاون على البر والتقوى واذا كانت لديه ملاحظات على أعمال جهات محددة في موسم الحج ان يبلغ بها الجهات والقطاعات المعنية للنظر فيها، فالاخطاء والتقصير في العمل البشري واردة مهما بذلت فيها الجهود فالكمال لله وحده عز وجل لكن هناك من يسعى للتشهير بها امام الناس.
ووصف سماحته موسم الحج لهذا العام بالناجح بعد أن أدى الملايين من المسلمين فريضة الحج في أمن وأمان وتنقلوا بين المشاعر في يسر وسهولة وأرجع سماحته ذلك الى توفيق الله وفضله أولا ثم لحجم الجهود الكبيرة التي بذلتها قطاعات الدولة العسكرية والمدنية في خدمة ورعاية ضيوف الرحمن سائلا الله عز وجل ان يتقبل من الحجاج حجهم وان يعودوا الى بلادهم سالمين غانمين.
وقال سماحته في خطبة الجمعة بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض أمس: «دين الإسلام دين شامل يعالج جميع قضايا الحياة دين المبادئ والقيم والأخلاق والمعاملة، لقد اهتم بآداب الطريق وحقوق المارة والمجالس الخاصة والعامة.
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا من بد، قال فإن أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حق الطريق يارسول الله قال «غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر».
وأوضح سماحته أن تلك حقوق الطريق لمن أراد الجلوس فيها ليكون متأدبا بآداب الشرع فلا ضرر ولا ضرار والمراد بالجلوس في الطرقات الجلوس على الأرصفة وعند أبواب المحلات أو التجول في الأسواق أو الوقوف عند مقدمة الطرقات والأزقة الصغيرة ونحو ذلك، وقال: فليكن المسلم على حذر من أذى الناس والإساءة إليهم.
هذه آداب الطريق: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
كلها حقوق لا بد من توفرها لمن أراد الجلوس في الطريق حتى لا يؤذي الناس، لأن غض البصر وسيلة للكف عن المعصية، والبصر سهم مسموم وربما يقع جرح في هذا النظر لا ينشأ فيه إلا الوقوع في الحرام قال الله تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).
وأضاف: ثانياً كف الأذى وهو من أعظم حقوق الطريق، أن تكف أذاك عن طريق المسلمين فإن الأذى مصيبة عظيمة سواء بالقول أو بالفعل، جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال «من آذى المسلمين في طرقاتهم حلت عليه لعنتهم»، سواء أكان هذا الأذى بالسخرية بالناس أو الاستهزاء بهم في التدخل فيما لا يحق له التدخل به أو إعاقة سيرهم، مشددا على الوعيد لمن ألقى في طرقات المسلمين أو أماكن راحتهم وظلهم الأذى أو النجاسات، ومن الأذى أيضا ترويع الناس في الطرقات، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ترويع المؤمن ونهى عن الإشارة بالسلاح فقال «أشار على أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي».
وبين سماحته أن من الآداب أيضاً أن تكون ذا خلق طيب وتعاملك حسن مع الآخرين، ومن أداب الطريق كذلك البعد عن مجرى السيل، والقصد في المشي وعدم السير في الأرض مرحا وكبرياء، ونصرة المظلوم وإعانة المسلم على حاجته، وإفشاء السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وقال: «لنكون جميعاً مؤدين لحقوق الطريق وقائمين بواجباته فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلنتق الله في أنفسنا، قال تعالى «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب».
وقال سماحته: اليوم وقد عاد الحجاج إلى أوطانهم وأدوا الحج بيسر وسكينة وأمن واستقرار وهذه كلها من نعم الله، فالحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، ملايين البشر أمّوا بيت الله الحرام وتنقلوا من مشعر إلى آخر وهم في أمن ويسر واستقرار وهدوء وطيب حياة في منظر بديع لكن الله جلّ وعلا تفضل بهذه النعمة فله الفضل والمنّة علينا جميعاً، ولا شك أيضا أن مع هذا ما وفق الله قادة هذا البلد فبذلوا كل جهدهم وطاقتهم في سبيل راحة الحجاج وسلامتهم وأمنهم بكل طريق ميسر فعادوا آمنين.
وأضاف قائلا: «إن البشر مهما عملوا لن يستطيعوا أن يحيطوا بكل شيء، مهما عملوا واجتهدوا فلابد من التقصير، ولن يستطيع أن يقول أحد أني رأيت الكمال فلا بد من تقصير؛ لأن عقول البشر لا تدرك جميع الأشياء. يدرك عن أشياء ويغفل عن أشياء لكن المؤمن ينظر للمحاسن والسلبيات فلا يغلب جانب السلبيات على الإيجابيات ويتحدث بما لا يريد بعض المغردين هداهم الله يغرد بأشياء بعيدة عن الحقيقة يقولون وقع كذا وكذا ينظر إلى قضية واحدة أو موقف واحد سيئ فهذا كله من الخطأ، الحج ولله الحمد على أحسن حال وأتم حال لكن من في قلبه مرض لا يزال يقدح بكل سوء ويغرد بكل خطأ ويقول ما يقول وكل هذا من الخطأ. والواجب على المسلم أن يعين على الخير وإذا كان عنده رأي خاص أن يبعث به، أما أن يتحدث بأحاديث كذب ومخالف للواقع واغتنام أي خطأ وإن قل ويجعله وسيلة للقدح بالأعمال العظيمة فهذا في الحقيقة جحود للفضائل وسوء خلق، نسأل الله السلامة والعافية. والواجب عليه تقوى الله جل وعلا والتعاون على الخير والصلاح وأن نكون يد واحدة وأن يصلح بعضنا شأن بعض».