بعد سن معينة تعاني (أم العيال) في مجتمعنا من مشاكل نفسية، وذلك نتيجة الأعمال والمهام (الخرافية) التي تقوم بها، فتربية الأبناء من جهة، ومراقبة الخادمة، وتحمل نزوات الزوج من جهة أخرى، وضغوط العمل، ومشاكل العائلة، وتبعات مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك وغيره الكثير يجعل الزوجة تعاني من تقلبات المزاج ومن سوء النفسية، مما يفرض عليها الرغبة في الانزواء في غرفتها بعيداً عن صخب الحياة اليومية، وبعيداً عن الإضاءة العالية، ولكنها لا تستطيع أن تستقر نفسيتها ـ في الغالب ـ رغم ذلك، فهي مستيقظة وهي نائمة، وتحدث نفسها حينما تجنح إلى الرغبة في التوقف عن الكلام، وتزداد هواجسها بأولادها وتنشغل في الآخرين، وكأن ذلك قدرها الذي لا تستطيع الفرار منه.
وطبعاً تعتقد بعض النساء أن هذا الحال هو حكر على مجتمعاتنا فقط، وهذا غير صحيح، وربما تزداد حالة تعكر المزاج في لدول الصناعية الكبرى، وفي معظم المجتمعات الغربية تقريباً وفق الدراسات المعتمدة، حيث أجريت دراسة مؤخراً في بريطانيا، نشرتها صحيفة «ديلي ميل» البريطانية وكشفت الدراسة أن ثلثي السيدات اللاتي شملتهن الدراسة قلن إنهن يعانين من تقلب المزاج أكثر من الرجال. وخلصت الدراسة إلى أن السيدات يعانين من المزاج السيئ خمس ساعات في الأسبوع بواقع عشرة أيام في العام. هذا ما تقوله الدراسة ولكن الواقع يقول أكثر من ذلك.
وطبعاً تقدم مثل هذه الدراسات الاستفتائية أسباباً وحلولاً، فمن الأسباب لتعكر المزاج هو الشكل العام للمرأة وخصوصاً المرأة البدينة؛ فالسمنة أمر مزعج، وكذلك عدم اهتمام الزوج، والازدحام المروري، وتغير المواسم، وتكسر الأظافر ـ على حد تعبير الدراسة ـ، أما الحلول من وجهة نظر الدراسة فتتلخص في الوحدة المنزلية وانفراد المرأة بنفسها وكذلك ممارسة الرياضة، بل تجاوزت الحلول إلى فكرة تناول الشوكولاته.
طبعاً لو كانت الدراسة محلية لأضافت نساؤنا العين والحسد من ضمن الأسباب، ونحن لا ننكر العين والحسد ولكن أن تعزو المرأة كل شيء إلى العين فهذا أمر فيه نظر.
والخلاصة أن تعكر المزاج وتقلباته أمر يعتري بني الإنسان ذكوراً وإناثاً، ولن أنصب نفسي اليوم طبيباً نفسياً ولكن ثمة تجارب من الحياة أنصح بها، فالحوار مثلاً مهم جداً بين أطرف الحياة الزوجية، وفتح قنوات يومية للتحاور جدير بإذابة مشاعر الاكتئاب وسوء الفهم، خصوصاً أن أدبيات الحوار تشير إلى أن المرأة تحتاج إلى 21.000 كلمة في اليوم بينما الرجل يكتفي بـ7000 آلاف كلمة، ويقال: إن الرجل يصرف هذا الرصيد في الغالب في أوقات الدوام وفي الاستراحات، وهذا يفضي إلى الصمت الزوجي وبالتالي تحل الكآبة على المشهد الأسري، كذلك السفر بصحبة العائلة قد يفيد في تجديد نفسيات العائلة كبارهم وصغارهم خصوصاً السفرات القصيرة في نهاية الأسبوع، ومن الحلول المجربة أيضاً التخلص من وسائل التقنية الحديثة كالتلفزيونات والهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الآلي على الأقل لمدة يوم واحد، جربوا ذلك في الويك إند وستلاحظون الفرق.
بقي أن أشير إلى أن كل هذه الحلول هي مجرد محاولات لتحسين النفسية، ويبقى الحل الأمثل في التعلق بالله سبحانه وتعالى، فالملاحظ أن كثيراً من النساء في مجتمعنا قد تعلقن بالدنيا بشكل عجيب، وانشغلت المرأة والرجل كذلك بما عند الغير ونسوا ما عندهم من نعم ونسوا ما عند الله من خير كثير.
فبعض النساء تبحث عن الراقي الشرعي دون أن تحصن نفسها أولاً بذكر الله، والبعض تفزع إلى الشوكولاته ولا تفزع إلى سورة البقرة.
الحل ياسيدتي للبحث عن السعادة هو البحث عنها في داخلك، فمن لا يجد السعادة في نفسه وبيته فلن يجدها في مكان آخر.