غادرت وطني مسقط الرأس السودان لأمكث زهاء الثلاثة شهور في زيارة للمملكة العربية السعودية تجولت في ربوعها معتمراً وسائحاً حتى حط بي الرحال بمدينة الرياض الباذخة التي بهرتني بحسنها وبهائها وجمالها الاستثنائي... وصارت فاتنة حسناء يتباهى بها أهلها.. ويتغنى بها الشعراء. وفي جلسة فكرية سياحية مع الذات تبادرت إلى ذهني حشود من الأفكار والملاحظات والخواطر عن تلك المدينة الذاخرة بالأمل الأخضر والطموح والإشراقات وليسمح لي قارئي الحصيف أن يتناولها قلمي التوثيقي في هذه المساحة:
- بنى الملك عبد العزيز آل سعود مملكته على ركائز متينة بعد كفاح مرير وجهد عظيم واختاركتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه صلوات الله وسلامه دستوراً ومنهجاً وفلسفة حكم عادل راشد سار على طريقه أبناؤه، فسخروا كل ما منّ الله به على تلك الأرض المقدسة من ثراء عريض ومال وفير لصناعة وصقل الإنسان وهمهم الأول هو المواطن الذي أصبح اليوم في هناء واستقرار ورفاهية وأصبح يفخر ويعتز بما حققته له حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبد الله بن عبد العزيز من إشراقات وحياة رغدة سعيدة.
- أدهشني ذلك الاهتمام البالغ بمرفق التعليم لإيمان القيادة العليا للدولة بأن التعليم لا يقل أهمية وضرورة للإنسان عن الماء والهواء، فنثرت الدولة كنانتها وعجمت عيدانها عوداً عوداً فوجدت سمو الأمير خالد الفيصل الأقوى والأجدر لقيادة مسيرة التعليم بالمملكة لما يتمتع به من عقل راجح وسعة أفق وذكاء فطري متوقد، فهيأ بيئة مدرسية جاذبة وإدارة قوية ومعلما مؤهلا ومدربا. وبدأ العام الدراسي سلساً مستقراً وهذا ما نفقده في العديد من دولنا العربية.
- أتيحت لي فرصة ذهبية نادرة بتواجدي بمدينة الرياض أن أجري فحصاً كاملاً لعيني اليمنى المتعبة المرهقة وقد وجهني أخ نبيل استشاري طب العيون بالسودان لمقابلة الطبيب كبير مستشاري طب العيون بمستشفى دلة بالرياض د. محمد أيمن غاوجي الذي أجرى لي عملية ناجحة في عيني اليمنى اطمأن قلبي له منذ ولوجي عيادته المزدحمة بأحدث الأجهزة عالية التقنية (Highly Sophisticated Equipments)، كان طبيبنا البارع هادئاً هدوء العلماء. هدوء تزينه ثقة مفرطة حين تلتقط أنامله المرهفة المتمرسة أحدث الأجهزة العالمية برقة واطمئنان ويجشرها في عيني المريضة ، فهذه إشراقة وضيئة من إشراقات المملكة لمواطنيها وهي أن تأتي لهم بمثل هذه الخبرات العربية من المستشارين العلماء الذين تطمئن لهم القلوب. آمل أن يحذو وطني السودان الاستعانة بمثل هؤلاء الأطباء العرب لتبادل الخبرة ولتوثيق العلاقة والمودة بين الأشقاء العرب.